هل للمحيط والبيئة تأثير في العصمة : وأما بالنسبة لما قيل عن تأثير البيئة والمحيط الايماني في شخصية الزهراء عليها السلام : فإننا نقول فيه : إن الزهراء النور التي خلقت من ثمر الجنة ، وكانت تحدث أمها وهي في بطنها ، قبل أن تولد . هي خيرة الله سبحانه ، قد اصطفاها لتكون المعصومة [1] الطاهرة ، والصفوة الزاكية ، قبل دخولها في هذه البيئة التي يتحدث البعض عنها على أنها هي السبب الرئيسي في ما للزهراء من مقامات وكرامات . وحديثه هذا يستبطن : أن الزهراء نفسها عليه السلام لو عاشت في بيئة أخرى ليست بيئة صلاح وخير وإيمان ، فلسوف تطبعها بطابعها الخاص ، فتكون المرأة الشريرة والمنحرفة ، والعياذ بالله ! ! فهل هذا مقبول أو معقول ؟ ! . . إننا نصر على أن المحيط الذي عاشت فيه الزهراء عليها السلام ،
[1] العصمة في الأنبياء والأوصياء ثابتة بدليل العقل ، لاقتضاء مقام النبوة والإمامة لها . ويؤيدها النقل ، وقد يتعرض النقل أيضا لبيان حدودها وآفاقها ، وغير ذلك من خصوصيات . . أما عصمة الزهراء عليها السلام ، فهي ثابتة بالنقل الصحيح الثابت عن الرسول ( ص ) ، وبنص القرآن الكريم ، وهي من ضروريات المذهب وثوابته . وبديهي أن لا تعرف العصمة إلا بالنقل ، لأن الأوامر والزواجر الإلهية لا تنحصر بأعمال الجوارح الظاهرية ، بل تتعداها إلى القلب والنفس والروح ، وإلى صياغة مواصفات الإنسان ، ومشاعره وأحاسيسه ، مثل الشجاعة والكرم والحسد ، والحب والبغض ، والإيمان والنفاق ، والنوايا وغير ذلك مما لا سبيل لنا للاطلاع عليه بغير النقل عن المعصوم .