ولماذا نحن نتعب ونشقى ، ونحصل على القليل ، وتكون لهم هم الدرجات العالية ، مع أنهم لم يتعبوا ولم يجاهدوا أنفسهم مثلنا ؟ ! وسؤال آخر ، وهو : ألا يكون الشخص الذي يقوم بالامتناع - من تلقاء نفسه - عن سيئة واحدة ، أو المبادرة إلى عمل حسنة واحدة في حياته ، يجاهد بها نفسه وغرائزه ، أفضل من جميع النبيين والأوصياء المعصومين بالتكوين والاجبار ؟ ! يضاف إلى ذلك سؤال آخر وهو : ألا يعني ذلك أن لا يستحق المعصوم مدحا ولا أجرا على عباداته ، ولا على أي شئ من طاعاته للأوامر والزواجر الإلهية ؟ ! [1] . إلى غير ذلك من علامات استفهام لا يمكن استيفاؤها عرضا وردا في هذا البحث المقتضب . 3 - ولعله من أجل دفع غائلة هذا السؤال الأخير ، عاد هذا البعض ليقول : إن العصمة التكوينية إنما هي في الاجتناب عن المعاصي ، حيث لا يقدر المعصوم على اقترافها . أما الطاعات فالاختيار فيها باق له على حاله ، وليس ثمة جبر إلهي عليها . . وهذه نفس مقولة الأشاعرة الذين فسروا العصمة بأنها " القدرة على الطاعة ، وعدم القدرة على المعصية " [2] . ونقول : إننا لا نريد أن نناقش هذا التفصيل ( بين الطاعات وبين
[1] هذا السؤال قد سأله علماؤنا رضوان الله تعالى عليهم لأولئك القائلين بعدم قدرة المعصوم على المعصية . راجع اللوامع الإلهية : ص 169 . [2] راجع اللوامع الإلهية : ص 169 .