السهل أن يقبل الناس بإخراج الزهراء من بيتها ، ومنعها من إظهار الحزن ، ومن الجهر بالمظلومية ، لأن ذلك ظلم آخر أشد أذى ، وأعظم تأثيرا وخطرا ، وأصرح دلالة على مدى الظلم الذي تعاني منه عليها السلام . ومما يزيد في وضوح ذلك أن الناس سيرون : أن كل ما جرى عليها إنما كان بمجرد وفاة أبيها ، فبدلا من المواساة ، ومحاولة تخفيف المصاب عليها وهي الوحيدة لأبيها وسيدة نساء العالمين ، تجد نفسها أمام مصاب أمر وأدهى ، وهو أن من يعتبرون أنفسهم من اتباع هذا الدين ، ويعترفون بنبوة أبيها ، ويفترض فيهم أن يعظموه ويوقروه ، ويقدسوه إن هؤلاء قد بلغ بهم الظلم حدا ضيقوا فيه حتى على أقرب الناس إليه وهي ابنته وهي امرأة لها عواطفها ، ومنعوها من إظهار الحزن على أب فقدته حرصا على عدم الجهر بظلمهم لها . النهي عن النوح بالباطل لا عن البكاء : قال ابن إسحاق في غزوة أحد : ومر رسول الله ( ص ) - حين رجع إلى المدينة - بدور من الأنصار ، فسمع بكاء النوائح على قتلاهم ، فذرفت عينا رسول الله ( ص ) ثم قال : لكن حمزة لا بواكي له . فأمر سعد بن معاذ ، ويقال : وأسيد بن حضير نساء بني عبد الأشهل : أن يذهبن ويبكين حمزة أولا ، ثم يبكين قتلاهن . فلما سمع ( ص ) بكاءهن ، وهن على باب مسجده أمرهن بالرجوع ، ونهى ( ص ) حينئذ عن النوح ، فبكرت إليه نساء الأنصار ، وقلن : بلغنا يا رسول الله ، أنك نهيت عن النوح ، وإنما هو شئ نندب