أحيانا ، وبعبارة أخرى إذا حدث أمر ، وشهده الناس وعاينوه ، وتحققوه بأنفسهم ، فلا تبقى ثمة حاجة إلى ذكره ، ولا فائدة من الإخبار به ، ولا سيما لمقترف ذلك الجرم نفسه ، إلا إذا كان ثمة ضرورة أخرى كإلزامه بالأمر أو ما شاكل . ثانيا : قد ذكرنا أنها عليها السلام لو جعلت هذا الأمر محور اعتراضها على الغاصبين للخلافة ، فإنها تكون قد وقعت في محذور تضييع القضية المحورية الكبرى ، وهي قضية الخلافة ، لأنهم سوف يتمكنون من أن يصوروا للناس : أن النزاع معها ( ع ) نزاع شخصي على أمور صغيرة ، ولن يعود نزاعا على الدين ، أو على من هو أحق بالخلافة ، أو على مصلحة الأمة . وإذا صارت المسألة شخصية ، فإن الواجب يفرض على الزهراء ( ع ) العفو عن المسيئين ، حين جاؤوا إليها ، وطلبوا العفو منها ، لأن العفو في الأمور الشخصية مما يفرضه الخلق الإنساني والاسلامي ، وقد قال الله تعالى : * ( خذ العفو وأمر بالعرف ، واعرض عن الجاهلين ) * [1] ، وقال : * ( واعفوا واصفحوا ، ألا تحبون أن يغفر الله لكم ) * [2] ، وقال : * ( فاصفح الصفح الجميل ) * [3] . إن تحويل النزاع إلى نزاع على أمر شخصي هو أعظم هدية تقدمها الزهراء ( ع ) إليهم ، مع أن القضية ليست شخصية ، ولم يرجعوا الحق إلى نصابه ، فلم يرجعوا الخلافة إلى صاحبها الشرعي ، ولا فعلوا أي شئ يدل على انصياعهم للحق ، إذن ، فلم يكن من حق الزهراء
[1] سورة الأعراف : 199 . [2] سورة البقرة : 109 . [3] سورة الحجر : 85 .