فما هو السر يا ترى في هذا الموقف من سليم ومن كتابه ؟ ! بل هو يقول : " إن كتاب سليم بن قيس - الذي هو العمدة في الموضوع على حد زعمه - ليس بمعتمد في صيغته بشهادة الشيخ المفيد وغيره ، مع أن فيه خلطا لا يخفى على أحد " . ونقول : أولا : ليس كتاب سليم هو العمدة في نقل ما جرى على الزهراء ( ع ) في الجملة . بل مضافا إلى ما جاء في كتاب سليم هناك روايات كثيرة بل متواترة عن المعصومين ( ع ) ، ونصوص تاريخية متضافرة أوردها المؤرخون في كتبهم على اختلاف مذاهبهم ، وسنذكر في هذا الكتاب طائفة كبيرة من ذلك إن شاء الله تعالى . ثانيا : كتاب سليم يعد من أوائل ما ألفه قدماء الأصحاب ، وهو يعبر عن أصول وثوابت المذهب بصورة عامة ، وقد تلقاه العلماء بالقبول والرضا ، ولا نجد فيه أي أثر لهذا الخلط المزعوم ، ولم يقدم لنا مدعيه أي مورد يصلح شاهدا على مدعاه ، حيث لم يظهر لنا من هذا الخلط سوى دعواه ذلك . ولعل عدم رضا البعض بما فيه ينشأ عن أنه لا ينسجم هو شخصيا مع كثير مما ورد فيه ، بل هو يناقض بعض طروحاته ، ونحن لا نرى أي مبرر لاستثناء كتاب سليم من ثقافتنا التاريخية والاعتقادية ، بل إن قدمته ، واتصال مؤلفه بعلي أمير المؤمنين عليه السلام ، وبعدد من الأئمة بعده يرجحه على كثير مما عداه من كتب ألفت بعده بعشرات السنين . وفي محاولة منا لتقريب الصورة ، بحيث تصبح أكثر وضوحا