نام کتاب : لهذا كانت المواجهة نویسنده : الشيخ جلال الصغير جلد : 1 صفحه : 53
تشابه مادة الفعل لا يدل على التشابه في هويته فكلاهما هم بالآخر ولكن ما هو الدليل على أن مراد همه قد تشابه مع مراد همها ، فها هو القرآن يقدم أدلة كثيرة على طبيعة همها به ، ولكن كل الدلائل القرآنية المقدمة لا تتحدث ولا بأي شكل من الأشكال عن أن همه كان هم الزنا ، بل يمكن الجزم على أن الدليل القرآني استبعد هموم البغي جميعا ، فناهيك عن أن المتحدث عنه كان من الأنبياء الذين حرص القرآن ( وفق التفسير الإمامي وهو كمال الحق ) على وصفهم بمنتهى أوصاف التبجيل والتعظيم ، فقد حفل على التأكيد على براءته بالكامل وقدم أدلة متعددة على ذلك ، ولا أوضح من الصورة التي يضع القرآن فيها أجواء هذه القصة ، فلقد قدمت ضمن أجواء ترغيبية ضخمة للاطلاع على القصة كما يتجلى ذلك بقوله تعالى في مفترق الطرق الحاسمة إلى متون القصة : ( نحن نقص عليك أحسن القصص ) ولا تتقدم القصة بضع فقرات حتى يأتي وصف لكونه ممن علمته السماء تأويل الأحاديث ، ولتعقبها مباشرة وصف كماله الروحي الذي لم يتوقف عند قيامه بأعباء الحكم والعلم لتتجاوزه إلى الحديث عن صبره بما وصفته بأنه من المحسنين ( ولما بلغ أشده وآتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين ) وقد جاءت قصة مراودة امرأة العزيز له بعد هذا الوصف مباشرة ، فهل تريد الآيات الكريمة في تقديمها لصورة أحسن القصص وفي صورة من أوتي العلم والحكم وكان من المحسنين لتقول بأن هذا النبي سيسقط في أول امتحان له مع الإغراء الجنسي ، فأي قصة يريد القرآن سردها من أجل التكامل الروحي وإذا به يصور لنا نبي السماء بهذه الصورة الهزيلة والمشينة ؟ وأي عبرة يريد لنا القرآن أن نستلهمها وهو يحدثنا عن نزوات نبي السماء , وأي إخلاص لهذا النبي الذي يتحدث عنه الله سبحانه وتعالى في نفس آية الهم وهو قد كبا في واحد من أبسط الامتحانات الروحية أمام أولياء الله وأنبياءه , فهذا الامتحان لربما يكون علينا صعبا - وهو ليس بالصعب على الكثيرين منا - ولكن فرض صعوبته مع أمثالنا ، أما مع الأنبياء ( ع ) فإمكان تصوره يغدو خرقا من التفكير ، فلو صح - وهو صحيح - أن حسنات الأبرار سيئات المقربين فما بالك بدرجات الأنبياء الذين هم أسمى درجة من المقربين ؟ لا سيما لمثل يوسف الذي حظي بنعوت قرآنية ليس بالضرورة حصول العديد من الأنبياء عليها .
53
نام کتاب : لهذا كانت المواجهة نویسنده : الشيخ جلال الصغير جلد : 1 صفحه : 53