يتحدد به الشئ فهو مقدم على القضاء بمعنى ضرورة وجوده ، لأن الشئ إنما يتحدد ، بكل جزء من أجزاء العلة فإن كل واحد منها يؤثر أثره في المعلول على حدته . فحيث إن أجزاء العلة تتحقق قبل تمامها ، وكل جزء منها يؤثر أثره في محيطه ، ويكون أثره تحديد الموجود وصبغه ، يجب أن يكون التقدير مقدما على القضاء ، فصانع الطائرة يهيئ لمصنوعه قطعا وأجزاء صناعية مختلفة ، كل منها من صنع مصنع ، ثم يركب هذه الأجزاء بعضها مع بعض ، فيصل إلى حد القضاء ، فتكون طائرة تحلق في السماء . ومثله الثوب المخيط ، فإن هناك عوامل مختلفة تعطيه صورة واحدة ، مثل تفصيل القميص ، والخياطة الخاصة ، وغير ذلك من الخصائص التي تحدد الثوب قبل وجود العلة التامة . وفي ضوء هذا البيان يمكن أن يقال : إذا كان الشئ موجودا ماديا ، وكانت علته علة مركبة من أجزاء ، فتقديره مقدم على قضائه ، حيث إن تأثير الجزء مقدم على تأثير الكل . وأما الموجودات المجردة المتحققة بعلة بسيطة ، فالتقدير والقضاء العينيان فيها يكونان في آن واحد ، فإن الخلق والإيجاد ، الذي هو