نام کتاب : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ( تحقيق الآملي ) نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 92
وتقرير الجواب عنه أن نقول : إنا قد بينا أن الوجود مقول بالتشكيك [1] على ما تحته والمقول على أشياء بالتشكيك يمتنع أن يكون نفس الحقيقة أو جزءا منها ، بل يكون دائما خارجا عنها لازما لها كالبياض المقول على بياض الثلج وبياض العاج لا على السواء فهو ليس بماهية ولا جزء ماهية لهما ، بل هو لازم من خارج ، وذلك لأن بين طرفي التضاد الواقع في الألوان أنواعا من الألوان لا نهاية لها بالقوة ولا أسامي لها بالتفصيل يقع على كل جملة منها اسم واحد بمعنى واحد كالبياض والحمرة والسواد بالتشكيك ، ويكون ذلك المعنى لازما لتلك الجملة غير مقوم ، فكذلك الوجود في وقوعه على وجود الواجب وعلى وجودات الممكنات المختلفة بالهويات التي لا أسماء لها بالتفصيل ، فإنه يقع عليها وقوع لازم خارجي غير مقوم ، فالوجود يقع على ما تحته بمعنى واحد ، ولا يلزم من ذلك تساوي ملزوماته التي هي وجود الواجب ووجودات الممكنات في الحقيقة ، لأن مختلفات الحقيقة قد تشترك في لازم واحد ، فالحقيقة التي لا تدركها العقول هي الوجود الخاص المخالف لسائر الوجودات بالهوية ، الذي هو المبدأ الأول والوجود المعقول هو الوجود العام اللازم لذلك الوجود وسائر الوجودات وهو أولي التصور ، وإدراك اللازم لا يقتضي إدراك الملزوم بالحقيقة وإلا لوجب من إدراك الوجود إدراك جميع الوجودات الخاصة ، وكون حقيقته تعالى غير مدركة وكون الوجود مدركا يقتضي المغايرة بين حقيقته تعالى والوجود المطلق لا الوجود الخاص به تعالى ، وهذا التحقيق مما نبه [2] عليه بهمنيار في التحصيل ،
[1] قد بين في المسألة الرابعة والثلاثين . [2] نبه عليه في الفصل الأول من المقالة الأولى من الكتاب الثاني من التحصيل بقوله : ثم اعلم أن الوجود يحمل على ما تحته حمل التشكيك لا حمل التواطؤ ومعنى ذلك . . الخ ( ص 281 ط 1 ) . والمصنف حرره في الفصل السابع عشر من النمط الرابع من الإشارات ردا على وهم الفخر الرازي حيث زعم أن الوجود شئ واحد في الواجب والممكن على السواء بالتواطؤ ، وبيان هذا التشكيك أن مختلفات الحقيقة - أي الواجب والممكنات - قد تشترك في لازم واحد وهو الوجود المحمول عليها ، فالوجود بمعنى واحد في الجميع ولكن لا على السواء بل على الاختلاف . ذهب المتأخرون من المشاء إلى أن الوجودات العينية حقائق متباينة بتمام ذواتها البسيطة لا بالفصول ليلزم التركيب في الوجود ويكون الوجود المطلق جنسا ، ولا بالمصنفات والمشخصات ليلزم التركيب في الوجود أيضا ويكون الوجود المطلق نوعا ، بل المطلق عرضي لازم لها بمعنى أنه خارج محمول أي محمول من صميمه لا أنه عرضي بمعنى المحمول بالضميمة ، لأن العارض والمعروض في المحمول بالضميمة شيئان والمعروض - أي المحمول - سابق على العارض أي الحامل . وحمل الوجود المطلق على أعيان الوجودات المتباينة حمل اللازم على الملزومات المتعددة المتباينة وهذا الحمل على سبيل التشكيك أي إطلاق الوجود المطلق العام اللازم على ملزوم وهو الوجود الواجب أولى وأقدم على ملزوم آخر كالعقل الأول مثلا وعلى هذا القياس ، وفي هذه الملزومات ملزوم واحد فقط له تأكد وجودي وتوحد كذلك هو إنية محضة ووجود صرف وهو ذات الواجب وما سواه زوج تركيبي من الوجود والماهية ، ولا منافاة بين أن يكون لازم واحد بمعنى واحد يطلق على ملزومات متباينة على سبيل التشكيك ، فالوجود المطلق العام العارض اللازم هو معروض التشكيك ، كما أن الوجودات العينية معروضاته فهي معروضات ذلك المعروض . وقد أومأنا من قبل إلى أن التوحيد أشمخ من ظاهر هذا الزعم ، وهو تنزيه في عين التشبيه والتوحيد الصمدي منزه عن هذا التنزيه ، فعلى هذا الزعم قالوا في علم الباري بالجزئيات أنه عالم بها على النحو الكلي ، ووقعوا في صدور الكثرة عن الواحد الحقيقي وفي ربطها به وفي مسائل أخرى في خبط عظيم إلا أن يصحح آراؤهم بمعاونة كلماتهم الأخرى على غير ما اشتهر منهم ولا ضير كما أشرنا إلى طائفة منها في شرحنا على فصوص الفارابي ، ولا يعجبني بني إسناد تلك الآراء الفائلة بظاهرها إليهم ، ولا أعتقده فيهم بذلك الاسترسال والاطلاق .
92
نام کتاب : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ( تحقيق الآملي ) نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 92