نام کتاب : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ( تحقيق الآملي ) نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 291
للمدرك لم يتحقق الإدراك ، لأن الإدراك أنما يكون بالانفعال والشئ لا ينفعل عن مماثله ، وإن كانت ذات طعم مضاد لم تؤد الكيفية على صرافتها بصحة كما في المرضى . قال : ومنه الشم ويفتقر إلى وصول الهواء المنفعل أو ذي الرائحة [1] إلى الخيشوم . أقول : الشم قوة في الدماغ تحملها زائدتان شبيهتان بحلمتي الثدي نابتتان من مقدم الدماغ وقد فارقتا لين الدماغ قليلا ولم تلحقهما صلابة العصب ، ويفتقر إلى وصول الهواء المنفعل عن ذي الرائحة إلى الخيشوم أو وصول أجزاء من ذي الرائحة إليه ، لأنه أنما يدرك بالملاقاة . وقد ذهب قوم إلى أن الشم أنما يكون بأن تتحلل أجزاء الجسم ذي الرائحة وتنتقل مع الهواء المتوسط إلى الحاسة ، لأن الدلك والتبخير يهيج [2] الرائحة ويذكيها . وقال آخرون : إن الهواء المتوسط يتكيف بتلك الكيفية لا غير وإلا لنقص وزن الجسم ذي الرائحة مع استنشاقها ، والمصنف رحمه الله قد نبه بكلامه على تجويز الأمرين ، فإن الشم قد يحصل بكل واحد منهما . قال : ومنه السمع ويتوقف على وصول الهواء المنضغط إلى الصماخ . أقول : ذهب قوم إلى أن السمع أنما يحصل عند تأدي الهواء [3] المنضغط بين القارع والمقروع إلى الصماخ ولهذا تدرك الجهة ، ويتأخر السماع عن الأبصار لتوقف الأول على حركة الهواء دون الثاني ، والمصنف رحمه الله مال إلى هذا هاهنا ، وفيه نظر لأن الصوت قد يسمع من وراء الجدار مع امتناع بقاء الشكل [4] على
[1] باتفاق النسخ كلها كما هو صريح الشرح أيضا . وما في المطبوعة : ( المنفعل من ذي الرائحة ) فهو وهم . [2] كما في ( م ) ، وفي نسخة : يفيح والباقية : يفتح . [3] النسخ كلها إلا ( م ) ففيها : عند بادي الهواء . وفي النسخ المطبوعة : عند تعدي الهواء . [4] أي شكل تموج الهواء وهيئة الصوت . وقوله : لهذا تدرك الجهة ويتأخر السماع عن الإبصار ، استدلال على أن الصوت له وجود في الخارج . وفي المباحث المشرقية للفخر الرازي لمعتقد أن يعتقد أن الصوت لا وجود له في الخارج بل إنما يحدث في الحس من ملامسة الهواء المتموج ، وهذا باطل لأنا كما أدركنا الصوت أدركنا مع ذلك جهته . . الخ ( ج 1 ط 1 ص 306 ) . واعلم أن صفتي القرب والبعد في الأصوات أمران معنويان ، فإدراك النفس إياهما تدل على تجردها عن الأحياز وسائر أوصاف المادة كما حررناه في رسالتنا المصنوعة في براهين تجردها ، وجملة الأمر في المقام ما أفادها صدر المتألهين في الفصل الثاني من الباب الرابع من الجواهر والأعراض من الأسفار ( ج 2 ط 1 ص 32 ) من أن التحقيق أن يقال : إن تعلق النفس بالبدن يوجب تعلقها بما اتصل به كالهواء المجاور بحيث كأنهما شئ تعلقت به النفس تعلقا ولو بالعرض ، فكلما حدث فيه شئ مما يمكن للنفس إدراكه بشئ من الحواس من الهيئات والمقادير والأبعاد بينها والجهة التي لها وغيرها فأدركت النفس له كما هو عليه . أقول : هذا التحقيق الأنيق هو أحد البراهين على أن النفس الناطقة تصير بعد تكاملها الجوهري عارية عن المواد ، وهو كلام سام سامك يعقله من كان له قلب . وقد حررناه بالتقرير الأبين في الدرس الثمانين من دروس معرفة النفس ، وأما نظر الشارح العلامة ففيه أن الصوت المسموع من وراء الجدار يدل على بقاء الشكل على حاله .
291
نام کتاب : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ( تحقيق الآملي ) نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 291