نام کتاب : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ( تحقيق الآملي ) نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 119
وتحصيل الحاصل أنما لزم منه . والحق أن المؤثر يفيد البقاء بعد الإحداث ، وتأثيره بعد الإحداث في أمر جديد هو البقاء فإنه غير الإحداث فهو مؤثر في أمر جديد صار به باقيا لا في الذي كان باقيا [1] . قال : فلهذا جاز استناد القديم الممكن إلى المؤثر الموجب [2] لو أمكن [3] ، ولا
[1] جملة الأمر أن المؤثر جعله متصفا بالبقاء والممكن كما في اتصافه بالوجود محتاج إلى المؤثر كذلك في البقاء ، وحاجته إليه في البقاء كحاجته إليه في الحدوث ، لأن الممكن في ذاته لم يقتض شيئا منهما لاستواء نسبة ذاته إلى طرفي وجوده وعدمه في الحدوث ، وكذلك اتصافه به في الزمان الثاني وما بعده من الأزمنة في البقاء . [2] الموجب بالفتح المضطر . [3] أي لو أمكن القديم الممكن ، وكلمة ( لو ) للامتناع نحو قوله تعالى : لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ، أو لو أمكن مؤثر قديم موجب بالذات ، ولكن الوجه الأول أولى بل المتعين كما يقتضيه سياق البحث ، والكلام من أن كل ممكن حادث . وإنما لم يمكن القديم الممكن لأن الفاعل المختار على زعمهم هو الذي يفعل بواسطة القصد والاختيار . . إلى آخر ما قاله الشارح ، يعني ولما قلنا من أن الممكن الباقي مفتقر إلى المؤثر لوجود علته ، والمؤثر يفيد البقاء بعد الإحداث جاز استناد القديم الممكن إلى المؤثر لأنه ممكن باق فيحتاج إلى المؤثر في بقائه فقط لا في الحدوث لأنه القديم الممكن ، فليس له حال حدوث كما للحادث الباقي المحتاج إلى المؤثر في حدوثه وبقائه كليهما . أقول : الفلاسفة الطبيعية كانوا قائلين بأن واجب الوجود بالذات هو الأصول الأزلية ، أي الأجزاء التي لا تتجزأ الموسومة بالأتم وهي مادة هذه المحسوسات وعنصرها ، أي أن هذه المحسوسات معلولة كائنة منها . والى تلك الأصول أشار برهان الموحدين أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة الواحدة والستين والمائة من نهج البلاغة بقوله : لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ولا من أوائل أبدية بل خلق ما خلق فأقام حده وصور ما صور فأحسن صورته . . الخ . وفي المقام مذاهب أخرى نقلها الشيخ الرئيس في الفصل الثاني عشر من النمط الخامس من الإشارات والماتن المحقق الطوسي في شرحه عليه من القائلين بالمبادئ الاسطقسية وغيرها . وهؤلاء قائلون بأن المادة أو الاسطقس علة موجبة ، أي مضطرة تكونت هذه المحسوسات منها بلا إرادة واختيار ، وبيان الايجاب هو على النحو الذي نقله عنهم الشيخ الرئيس في الفصل الثالث عشر من المقالة الأولى من طبيعيات الشفاء ( ص 26 ج 1 ط 1 ) حيث قال : إنهم يرون أن مبادئ الكل هي أجرام صغار لا تتجزأ لصلابتها ولعدمها الخلاء ، وأنها غير متناهية بالعدد ومبثوثة في خلاء غير متناهي القدر ، وأن جوهرها في طباعها متشاكل وبأشكالها مختلف ، وأنها دائمة الحركة في الخلاء فيتفق أن يتصادم منها جملة فيجتمع على هيئة فيكون منه عالم ، وأن في الوجود عوالم مثل هذا العالم غير متناهية بالعدد مترتبة في خلاء غير متناه ، ومع ذلك فيرى أن الأمور الجزئية من الحيوانات والنباتات كائنة لا بحسب الاتفاق . وفرقة أخرى لم تقدم على أن يجعل العالم بكليته كائنا بالاتفاق ، ولكنها جعلت الكائنات متكونة عن المبادئ الاسطقسية بالاتفاق ، فما اتفق أن كان هيئة اجتماعه على نمط يصلح للبقاء والنسل بقي ونسل ، وما اتفق أن لم يكن كذلك لم ينسل ، وأنه قد كان في ابتداء النشور بما يتولد حيوانات مختلطة الأعضاء من أنواع مختلفة وكأن يكون حيوان نصفه أيل ونصفه عنز ، وأن أعضاء الحيوان ليست هي على ما هي عليه من المقادير والخلق والكيفيات لأغراض بل اتفقت كذلك مثلا قالوا : ليست الثنايا حادة لتقطع ولا الأضراس عريضة لتطحن ، بل اتفق أن كانت المادة تجتمع على هذه الصورة ، واتفق أن كانت هذه الصورة نافعة في مصالح البقاء فاستفاد الشخص بذلك بقاء ، وربما اتفق له من آلات النسل نسلا لا ليستحفظ به النوع بل اتفاقيا . إنتهى ما أردنا من نقل ما في الشفاء . بيان : قوله ولعدم الخلاء ، أي ليس لها خلاء وتجويف . قوله في طباعها متشاكل ، أي من نوع واحد . قوله كائنة لا بحسب الاتفاق ، أي كائنة بحسب الطبيعة . قوله نصفه أيل ونصفه عنز ، أيل بالفتح والتشديد على وزن الميت ، وفي الصحاح الأيل الذكر من الأوعال وهو الذي يسميه بالفارسية ( گوزن ) وعنز بالفتح والسكون يقال بالفارسية ( بز كوهى ) ، فلنرجع إلى ما كنا فيه : والغرض أن هؤلاء وأترابهم من الفرق الطبيعية قائلون بالإيجاب والاضطرار ، لأن تلك المبادئ لا حياة لها ولا شعور وعلم وإرادة ، واتفق أن تكونت منها هذه المحسوسات ، وأما الفيلسوف الإلهي فقائل بالمبدأ الحي العالم القادر المريد السميع البصير المختار في جميع أفعاله وهو دائم الفضل على البرية ، وحاشاهم عن التفوه بالايجاب والاضطرار وعدم الاختيار في المبدأ سبحانه وتعالى . ثم إن هذين العلمين يقولان ذلك ولا يمكن استناد القديم الممكن إلى المختار ، وهذا يفسره ويعلله بقوله : لأن المختار هو الذي يفعل بواسطة القصد والاختيار ، والقصد أنما يتوجه في التحصيل إلى شئ معدوم ، لأن القصد إلى تحصيل الحاصل محال ، وكل معدوم يجدد فهو حادث . وتفوها بحدوث العالم بدليل كونه مختارا ، وبأن القول بقدمه يوجب أن يكون موجبا مضطرا . والمحقق الطوسي في رسالته الموسومة بتذكرة آغاز وانجام قد أفاد في التوحيد الصمدي الذي هو الأول والآخر والظاهر والباطن الفياض على الإطلاق أزلا وأبدا على ما يراه الموحدون الشامخون في معارف الحكمة المتعالية حقائق دالة على توغله في توحد الوجود الحق الصمدي الأزلي في ذاته وجميع صفاته وأفعاله ، وقد بينا وأوضحنا كلماته الشريفة في تعليقاتنا على آغاز وانجام على التفصيل والاستيفاء معاضدة بمنطق الوحي فارجع إليها . وكان بعض مشايخنا يقول : كان المحقق الطوسي في التجريد جالسا على كرسي الكلام فتكلم على دأبهم وهديهم . ثم قد يأتي كلامه في الايجاب أيضا في المسألة الأولى من الفصل الأول من المقصد الثالث في صفاته تعالى حيث يقول : وجود العالم بعد عدمه ينفي الايجاب .
119
نام کتاب : كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد ( تحقيق الآملي ) نویسنده : العلامة الحلي جلد : 1 صفحه : 119