وذلك لأن استجابته سبحانه وتعالى لها بإرجاع ولدها إليها لفترة وجيزة - ثم عودته بعد ذلك لمواصلة كفاحه ، ثم استشهاده ، لا يدل على أن الإمام الحسين « عليه السلام » قد رغب في بقاء ولده حياً من بعده ، وأنه قد ضن به على الموت في ساحة الجهاد ، فإن تأخير استشهاده ساعة من نهار ، إنما هو من أجل أن يثلج بذلك صدر والدته ، بعودته إليها سالماً من إحدى جولاته ومعاركه - وليكون استشهاده بعد ذلك أهون عليها ، لما تمثله استجابة دعائها من دلالة يقينية على عناية الله سبحانه بهم ، وما يعطيه ذلك لها من ثقة بالله ، وطمأنينة ورضى بقضائه ، وما يهيؤه للصبر الجميل على تحمل بلائه جل وعلا . وليكن توجيهها الحسيني نحو الدعاء لطلب عودة ولدها منسجماً مع مسارعته « عليه السلام » للإذن لولده باقتحام ساحة الجهاد . دون أدنى تعلل أو تردد في ذلك . رابعاً : الإجماع التاريخي المزعوم : 1 - لا ندري كيف استطاع العلامة الشهيد أن يتبين وجود إجماع واتفاق من كل المؤرخين على أنه « عليه السلام » لم يحاول أن يجد أي عذر لولده علي الأكبر ، حينما استأذنه بالبراز . إن صح نسبة ذلك إليه . فإن مجرد عدم ذكر المؤرخين لذلك - واكتفاؤهم بعبارة - : « استأذن فأذن له » ليست صريحة في إجماعهم على أن شيئاً من ذلك لم يحصل ، فإن عدم ذكر الشيء لا يدل على عدم حصوله ، وها نحن نرى كيف أن المؤرخين يختلفون في إيراد الخصوصيات المختلفة للوقائع التي يسجلونها ، فيذكر أحدهم خصوصية يهملها الآخر وبالعكس . وما ذلك إلا لأجل ما ذكرناه . 2 - هل استطاع الشهيد مطهري المنسوب إليه هذا الكلام أن يسبر كل ما