ولسوف يجد في ذلك كله ما يحفزه للسؤال عن المزيد ، ويفتح أمام عينيه آفاقاً رحبة ، يجد نفسه ملزماً باستكناه كثير من جوانبها ، واكتشاف ما أمكنه اكتشافه من حقائقها . أسلوب الانتقاء إدانة مبطنة : وغني عن القول : ان انتهاج أسلوب الانتقاء والاستنساب العشوائي ، الذي قد يكون خاضعاً لظرف سياسي ، أو نفسي ، أو لقصور في الوعي الديني ، أو لغير ذلك من أمور ؛ إن انتهاج هذا الأسلوب من شأنه أن يعطي الانطباع السيء عن كثير من مفردات الثقافة الإيمانية الصحيحة ، من خلال ما يستبطنه من إدانة أو اتهام لكل نص لم يقع في دائرة الاستنساب هذه ، الأمر الذي ينتهي بحرمان الآخرين من فرصة التفكير المنطقي في شأن التراث ، بالاستناد إلى المبررات العلمية ، والتزام الضوابط والمعايير المقبولة والمعقولة ، بعيداً عن أي إيحاء يهيئ لحالة نفرة غير منطقية من كثير من النصوص التي تواجهنا ونواجهها في سيرتنا الثقافية والإيمانية . وكذلك بعيداً عن كل أساليب التهويل والتضخيم ، حتى ولو بالصوت الرنان ، والنبرات الحادة ، وعن تهويلات وإيحاءات اليد في إشاراتها وحركاتها ، والوجه في تقبضاته وتجهماته . . فضلاً عن اللسان ولذعاته ، وما إلى ذلك من أمور . فإن ذلك لن يفيد شيئاً في تأكيد حقانية أمر ، وفرض الالتزام به ، ولا في استبعاد ما عداه ، والتنكر له . بل تبقى الكلمة الفصل للفكر الأصيل ، وللبحث الموضوعي ، وللدلائل والشواهد القوية والحاسمة .