بالتخلف ، والعقدة ، وبالحمار يحمل أسفاراً ، وبالكلب إن تحمل عليه يلهث ، أو تتركه يلهث ، وينسبهم إلى المخابرات الأمريكية ، والموساد ، ويصفهم بأنهم يكذبون ، ويحرفون الكلام عن مواضعه ، وأنهم - حتى مراجع الدين منهم - بلا تقوى ، وبلا دين ؟ ! وهلم جرا . . ولكن الأمر بالنسبة إليه يختلف تماماً ، حيث إنه هو وحده المنفتح ، المتوازن ، العاقل ، المفكر ، المجدّد ، ورجل الحوار ، وسطِّر ما شاءت لك قريحتك ، واجترحه وهمك ، ولامسه خيالك ، فتبارك الله أحسن الخالقين . وما أروع ، وما أحلى كلمة الحوار ، وهو يديرها في فمه ، وكأنها قطعة حلوى ، تفيض بالعذوبة ، وتتقاطر منها الرقة ، ويلملم أطرافها اشتهاء عارم وما أرقاه من حوار قرأت آنفاً بعض مفرداته ، وتلك هي حالاته ، يرفض فيه مدّعيه ولو أن يكتب حرفاً واحداً ، ثم يرفض مناقشة أية فكرة من أفكاره ، أمام ثلة من العلماء ، ليكونوا هم الحكم والمرجع ، بل هو يصر على أن يكون حواراً في بيته ، وخلف الجدران ، والأبواب المؤصدة ممهداً له بتلك الأوصاف وبغيرها مما يطلقه على مخالفيه وناصحيه . فبورك من حوار ، وحيهلاً بداعيته ، وحامل لوائه ، ومطلق شعاراته ! ! ثم هو يشفع ذلك بالظهور ، بلباس الصفح والتسامح ، وبالمواعظ الرقيقة ، الراعفة بالحنان ، على نقش من موسيقى صوته ، الذي يتماوج بين حالتي الخفوت الرومانسي الحالم ، والجهر السادي الراعد . إلى أن ينتهي الأمر بنبراته ( التقوائية ! ! ) التي تريد أن تجعل حاله مع من يقدم على الإرشاد إلى مواضع الخلل في آرائه ، كحال رسول الله » مع المشركين ، حيث يقول : بصوت رقيق ، وأنيق ، وبالانصات له حقيق : « اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون . . » . الثالثة : إن هذا النوع من الناس الذي ربما لم يمارس أي عمل علمي