والغلط فيها من قبل نساخها ، الذين تعاقبوا على نقلها عبر العصور والدهور . . فهل ذلك يعني : سقوط الكتاب ومؤلفه عن الاعتبار ، بحيث يسوغ لنا اتهام المؤلف بالوضع والاختلاق وارتجال الأحداث ؟ ! . وهل يصح هجر ذلك الكتاب ، وتجاهله ، وعدم الإكتراث به ، بحجة أنه كتاب محرَّف مشتمل على الدجل والتزوير ؟ ! . إن ذلك سينتهي بنا - ولا شك - إلى التخلي عن كل ما سوى القرآن من كتب وتآليف ، والتخلي بالتالي عن كل السنة النبوية ، والإمامية التي سجلتها تلك المؤلفات ، بأمانة وإخلاص . وبحرص بالغ . . وذلك يلغي دور العلماء العاملين ، الذين لا بد أن يضطلعوا بدور الحامي والحافظ لهذا الدين وأن يعملوا على تنقية كل هذا الإرث الجليل من الشوائب ، وإبعاد كل ما هو مدسوس ، ومعالجة ما هو مريض ، وتصحيح ما هو محرف . سادساً : الصحة لا تعني الوثاقة : وقد تجد في كتاب من عرف بإنحرافه وكذبه ، الكثير مما هو صحيح بلا ريب ، مما نقله لنا الأثبات ، واستفاض نقله في كتب الثقات . . بل قد تجد فيه تصريحات واعترافات لم يستطع غيره الاعتراف بها ، بل هو عن ذلك أحجم . وفي كلامه غمغم وجمجم . لكن قد ضاق صدر هذا المعروف بالكذب وبالإنحراف فباح واعترف بها ، كما يعترف المجرم بجرمه ، ويقر المذنب ببوائقه ، ويعلن بما أسرَّ من إثمه . فهل يصح لنا أن نقول له : لا قيمة لإعترافك ، بل أنت بريء من جرمك ، منزه عما اعترفت به من إثمك ، ولا يجوز مؤاخذتك بما اقترفت ، ولا أخذك بما به أقررت ؟ ! .