الطير [1] فسدلت دونها ثوبا [2] وطويت عنها كشحا [3] وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء [4] أو أصبر على طخية عمياء [5] يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير [6] ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه [7] فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى [8] فصبرت وفي العين قذى [9] وفي
[1] قال : وهذه أعظم في الرفعة والعلو من التي قبلها ، لأن السيل ينحدر عن الرابية والهضبة ، وأما تعذر رقي الطير فربما يكون للقلال الشاهقة جدا ، بل ما هو أعلى من قلال الجبال ، كأنه يقول إني لعلو منزلتي كمن في السماء التي يستحيل أن يرقى إليها الطير . [2] قال : أي أرخيت تقول ضربت بيني وبينها حجابا فعل الزاهد فيها الراغب عنها . [3] أي قطعتها وصرمتها ، وهو مثل ، قالوا لأن من كان إلى جانبك الأيمن مثلا فطويت كشحك الأيسر فقد ملت عنه . [4] : مقطوعة . [5] طخية قطعة من الغيم والسحاب ، وعمياء تأكيد لظلام الحال واسودادها ، يقولون مغازه عمياء ، أي يعمى فيها الدليل . [6] قال : وأما قوله يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير فيمكن أن يكون من باب الحقائق ، ويمكن أن يكون من باب المجازات والاستعارات ، أما الأول فإنه يعني به طول مدة ولاية المتقدمين عليه فإنها مدة يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ، وأما الثاني فإنه يعني بذلك صعوبة تلك الأيام حتى أن الكبير من الناس كاد يهرم لصعوبتها ، والصغير يشيب من أهوالها ، كقولهم هذا أمر يشيب له الوليد وإن لم يشب على الحقيقة . [7] يكدح : أي يسعى ويكد مع مشقة . [8] هاتا بمعنى هذه ، ها للتنبيه ، وتا للإشارة ، وهذا أحجى من كذا أي أليق بالحجى وهو العقل . [9] أي صبرت على مضض كما يصبر الأرمد .