كيف جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وآله معترضا عليه بكتابه الصلح والنبي صلى الله عليه وآله رسول من قبل الله فلا يبرم عقدا ، ولا يحل عقدة ، إلا والتأييد الإلهي حليفه ، والله سبحانه مؤيده فيه ومسدده ؟ هب أنك تعترف بخطئه في مجيئه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لكن أخبرنا أن الرسول صلى الله عليه وآله لما أخبره أن الله لن يضيعه أبدا ، يعني أن عاقبة أمر هذا الصلح حميدة ، وأن الله سبحانه سيكتب لي الفتح والنصر والظفر والبلوغ إلى الغاية أخيرا . فلماذا لم يقتنع بكلام الرسول صلى الله عليه وآله إن كان مؤمنا به ؟ ولماذا أخذ الغيظ منه مأخذا فلم يصبر أن ذهب إلى أبي بكر خدنه وخليله وبث إليه شكواه من فعل الرسول صلى الله عليه وآله ؟ وصفوة القول إن موقف عمر هذا من النبي صلى الله عليه وآله كان موقف رضى و تسليم ، أم موقف غضب وسخط ؟ فإن كان موقف رضى وتسليم فما معنى مجيئه إليه والحوار معه بتلك اللهجة التي لا تناسب مع مقام الرسول صلى الله عليه وآله ( ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ) [1] ثم ما معنى ذهابه إلى أبي بكر ، وإعادة نفس الحوار معه ؟ وإن كان موقفه موقف سخط وغضب كما يصرح به لفظ الحديث وينادي به فهل أن الآية الكريمة ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) [2] تمس بكرامة عمر وتنال من إيمانه الظاهر أم لا ؟ فإن كنت تتحاشى يا إحسان عن الجواب فهذا النظام يقول في
[1] سورة الحجرات الآية 2 . [2] سورة النساء الآية 65 .