نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 584
والآية وإن لم تكن صريحة فيما نبتغيه غير أن دعاء إبراهيم في الظروف التي كان يرفع فيها قواعد البيت مع ابنه ، ترشدنا إلى أن طلب الدعاء في ذلك الظرف ، لم يكن أمرا اعتباطيا ، بل كانت هناك صلة بين العمل الصالح والدعاء ، وأنه في قرارة نفسه تمسك بالأول ليستجيب دعاءه . 2 - قوله سبحانه : { الذين يقولون ربنا إننا آمنا فاغفر لنا ذنوبنا وقنا عذاب النار } [1] . ترى أنه عطف طلب الغفران بالفاء على قوله : { ربنا إننا آمنا } ، ففاء التفريع تعرب عن صلة بين الإيمان وطلب الغفران . وأنت إذا سبرت الآيات الكريمة تقف على نظير ذلك فكلها من قبيل التلميح لا التصريح ، غير أن في السنة النبوية تصريح على أن ذكر العمل الصالح الذي أتى به الإنسان لله تبارك وتعالى ، يثير رحمته ، فتنزل رحمته على عبده ويستجاب دعاؤه ، وقد روى الفريقان القصة التالية وفيها غنى وكفاية : روى البخاري عن ابن عمران عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : " بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر ، فآووا إلى غار فانطبق عليهم ، فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق ، فليدع كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه . فقال واحد منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق من أرز ، فذهب وتركه ، وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته ، فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا ، وأنه أتاني يطلب أجره ، فقلت : اعمد إلى تلك البقر فسقها ، فقال لي : إنما لي عندك فرق من أرز ، فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك