نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 524
طلب الدعاء منه لا غير . فلو أن أعرابيا جاء إلى مسجده فطلب منه أن يستغفر له ، فقد طلب منه الشفاعة عند الله . ولو جاء ذاك الرجل بعد رحيله ، وقال له : يا أيها النبي ، استغفر لي عند الله . أو قال : اشفع لي عند الله ، فالجميع بمعنى واحد لبا وحقيقة ، وإنما يختلفان صورة وظاهرا . فالإذعان بصحة أحدهما ، والشك في صحة الآخر كالتفكيك بين المتلازمين . نعم ، هناك سؤال يطرح نفسه وهو أنه إذا كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) حيا يرزق في هذه الدنيا ويسمع كلام السائل ، فلا فرق بين طلب الدعاء وطلب الشفاعة . وأما بعد رحيله وانتقاله إلى رحمة الله الواسعة ، فلا يسمع كلام السائل ، بأي صفة خاطبه وكلمه سواء أقال : استغفر لي ، أم قال : إشفع لي . والإجابة واضحة ، لأن الكلام مركز في تبيين معنى طلب الشفاعة منه حيا وميتا وأن حقيقته أمر واحد بجميع صوره ، وأما أنه يسمع أو لا يسمع ، أو أن الدعوة تنفع أو لا تنفع ، فهو أمر نرجع إليه بعد الفراغ من صميم البحث . ولإيضاح الأمر نورد بعض النصوص من المفسرين في تفسير الشفاعة : قال الإمام الرازي في تفسير قوله سبحانه : { الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم } [1] إن الآية تدل على حصول الشفاعة للمذنبين ، والاستغفار طلب المغفرة ، والمغفرة لا تذكر إلا في إسقاط العقاب ، أما طلب النفع الزائد فإنه لا يسمى استغفارا . وقوله تعالى : { ويستغفرون للذين آمنوا } يدل على أنهم يستغفرون