نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 516
فليس التوقف في البرزخ ولا في المراحل المتنوعة في يوم القيامة ولا الدخول في النار مدة محدودة ولا شفاعة الأنبياء والأولياء في حقهم ، إلا تصرفا تكوينيا في حقهم حتى تعود الجوهرة الأولية إلى حالتها الطبيعية الأولى وتصفو من كل شائبة تعلقت بها نتيجة العصيان والتمرد . د - الآثار البناءة والتربوية للشفاعة إن تشريع الشفاعة ، والاعتراف بها في النظام الإسلامي إنما هو لأجل غايات تربوية تترتب على ذلك التشريع والاعتقاد به ، ذلك لأن الاعتقاد بالشفاعة المقيدة بشروط معقولة ، من شأنه بعث الأمل في نفوس العصاة وأفئدة المذنبين ، يدفعهم إلى العودة عن سلوكهم الإجرامي ، وإعادة النظر في منهج حياتهم . ولكن هناك من يعترض ويقول : إن الشفاعة توجب الجرأة وتحيي روح التمرد في العصاة والمجرمين . إلا أن الواقع يفصح أن الشفاعة سبب في إصلاح سلوك المجرم ووسيلة لتخليه عما يرتكبه من آثام وما يقترفه من ذنوب . وتظهر حقيقة الحال إذا لاحظنا مسألة التوبة ، وهي التي اتفقت عليها الأمة ونص عليها الكتاب المجيد والحديث الشريف ، فإنه لو كان باب التوبة موصدا في وجه العصاة والمذنبين ، واعتقد المجرم بأن عصيانه مرة واحدة أو مرات سيخلده في عذاب الله ، ولا مناص له منه ، فلا شك أن هذا الاعتقاد يوجب التمادي في اقتراف السيئات وارتكاب الذنوب ، لأنه يعتقد بأنه لو غير وضعه وسلوكه في مستقبل أمره لا يقع ذلك مؤثرا في مصيره وخلوده في عذاب الله ، فلا وجه لأن يترك المعاصي ويغادر اللذة المحرمة ، ويتحمل عناء العبادة والطاعة ، بل يستمر في وضعه السابق حتى يوافيه الأجل .
516
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 516