نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 515
ج - الأصل هو السلامة دلت التجارب والبراهين العقلية على أن الأصل الأولي في الخليقة هو السلامة ، وأن المرض والانحراف أمران يعرضان على المزاج ، ويزولان بالمداواة والمعالجة ، وليس هذا الأصل مختصا بالسلامة من حيث العيوب الجسمانية ، بل الأصل هو الطهارة من الأقذار والأدران المعنوية ، فقد خلق الإنسان على الفطرة النقية السليمة من الشرك والعصيان التي أشار إليها القرآن بقوله : { فطرة الله التي فطر الناس عليها } [1] ، وقال النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) : " كل مولود يولد على الفطرة ثم أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه " [2] . وعلى ذلك فلا غرو في أن تزول آثار العصيان عن الإنسان بالعلاج والمداواة الخاصة في مواقف شتى حتى تظهر الخليقة الأولى التي فطر عليها ، فقد جعل الله سبحانه المواقف التي يمر بها الإنسان بعد موته في البرزخ ويوم القيامة ، وسائل لتطهير الإنسان وتصفيته من آثار الذنوب وتبعاتها . ولا غرو في أن يكون الشفعاء المرضيون عند الله ، أطباء يعالجون أولئك المرضى ، بتصرفاتهم ونفوسهم القوية حتى يزيلوا عنهم غبار المعصية ، ودرن الذنب حتى تعود الجوهرة الإنسانية نقية صافية ناصعة ، فيستحق الإنسان نعيم الآخرة ودخول الجنة إلا من بلغ حدا لا يقبل العلاج والتداوي ، لأجل أن ذاته قد انقلبت إلى ما يضاد الجوهرة الإنسانية النقية التي لا تقبل أية مداواة أو علاج ، كما لو اتخذ لربه شريكا فاستحق الخلود في النار .