نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 473
يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } [1] ، وهذه هي الضابطة الأصلية في حياة الإنسان عاجلا وآجلا ، وليس لأحد رفضها والاعتماد على غيرها ، ولكن هذا لا ينافي جواز أن يهدي العامل ثواب عمله إلى غيره ويسعد الغير به ، فهو خارج عن مفاد الآية إيجابا وسلبا . وهذا مثل قول الوالد لولده : إنما تنتفع بتجارتك وسعيك ، وإن سعي كل إنسان له نفسه لا للغير ، وهذا لا ينافي أن ينتفع هذا الولد بعمل غيره إذا أهدى إليه ذلك الغير شيئا من الطعام والفواكه والألبسة بنيات مختلفة ، فليس للولد حينئذ أن يعترض على والده ويقول : إنك قلت إنك تنتفع بسعيك مع أنني انتفعت بسعي الغير ، إذ للوالد أن يقول : إن كلامي في نفس العمل الصادر منك ومن غيرك ، فكل يملك عمل نفسه ولا يتجاوزه ، ولكن كلامي هذا ليس ناظرا إلى ما لو وهب أحد حصيلة سعيه إليك بطيبة نفسه . وكيف يمكن أن نقول بما يقوله هذا الوهابي ونظراؤه وقد تضافرت الآيات والأحاديث - كما مر عليك بعضها - بانتفاع الإنسان بعمل الغير في ظروف معينة ، وتحت شرائط خاصة وإن لم يكن له أدنى سعي فيها . هذه الآية تشير إلى نكتة وهي : أنه يجب على الإنسان الاعتماد على السعي والعمل لا على الحسب والنسب ، وإلا يكون المسلم مثل اليهود الذين كانوا يتمنون تمني الحمقى إذ كانوا يعتمدون على صلتهم وانتمائهم إلى الأنبياء بقولهم : { نحن أبناء الله وأحباؤه } [2] أو قولهم : { لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } [3] .