نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 375
الواقف وأغراضه ، وأين هو من البناء على أرض مشتراة أو مهداة أو موات ، فلا تترتب عليها تلك الحرمة . دفن النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) في بيته الرفيع ولم يخطر ببال أحد من الصحابة الحضور أن البناء على القبر حرام وأنه ( صلى الله عليه وآله ) نهى عنه نهيا مؤكدا ، ولما كان البيت متعلقا بالسيدة عائشة جعلوا في وسطه ساترا ، ولما توفي الشيخان أوصيا بدفنهما في حجرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) تبركا بذاته ومكانه ، ولم تسمع عن أي ابن أنثى نعيرة أنه حرام ولا مكروه ، وعلى ذلك استمرت سيرة المسلمين في حق العلماء والأولياء ، يدفنونهم في البيوت المعدة لذلك ، أو يرفعون لمراقدهم قواعد وسقفا بعد الدفن ، تكريما لهم وتقديرا لتضحياتهم ، ولم يخطر ببال أحد أنه على خلاف الدين والشرع . وهذا عمل المسلمين وسيرتهم القطعية في جميع الأقطار والأمصار ، على مرأى ومسمع الجميع وإن اختلفت نزعاتهم ، من بدء الإسلام إلى هذا العصر ، من الشيعة والسنة ، وأي بلاد من بلاد الإسلام من مصر والعراق أو الحجاز أو سورية ، وتونس ومراكش وإيران ، وهلم جرا ، ليس فيها قبور مشيدة ، وضرائح منجدة ، وهؤلاء أئمة المذاهب : الشافعي في مصر ، وأبو حنيفة في بغداد ، ومالك بالمدينة ، وتلك قبورهم من عصرهم إلى اليوم شاهقة القباب ، شامخة المباني ، غير أن الوهابيين لما استولوا على المدينة هدموا قبر مالك . وهذه القبور قد شيدت وبنيت في الأزمنة التي كانت حافلة بالعلماء وأرباب الفتاوى ، وزعماء المذاهب ، فما أنكر منهم منكر ، وليس هذا رائجا بين المسلمين فقط ، بل جرى على هذا جميع عقلاء العالم ، بل يعد تعمير قبور الشخصيات من غرائز البشر ومقتضيات الحضارة وشارة الرقي ، فكل هذا دليل على الجواز لو لم نقل يفوق ذلك ، ولو لم تكن السيرة المسلمة بين المسلمين والعقلاء
375
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 375