نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 33
حصر العبادة في الله سبحانه حيث حصر الربوبية به دون غيره ، فتدل بصراحة على أن العبادة من شؤون الربوبية ، وإليك بعض الآيات : وقال المسيح : { يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم } [1] . { إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون } [2] . { إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم } [3] . وإذا عرفت هذين الأمرين : 1 - الرب من فوض إليه تدبير الشئ وإصلاحه وتربيته . 2 - إن الآيات تعلل حصر العبادة في الله بكونه ربا . فستعرف أن اتسام الخضوع ، والسؤال والدعاء بالعبادة من شؤون الاعتقاد بكون المخضوع له ربا بيده مسير الخاضع ومصيره ، وإن شئت قلت : بيده شأن أو شؤون من حياته الدنيوية أو الأخروية بيده ، فالخضوع المقرون بهذا الاعتقاد يضفي عليه عنوان العبادة . وليعلم أن المراد من كون الرب مالكا لشأن من شؤون حياته ليس المراد هو المالكية القانونية والوضعية التي تعطى للإنسان حينا وتسلب عنه حينا آخر ، بل المراد المالكية التكوينية المستمدة من الخالقية كما في الإله الأعلى أو من تفويض الإله الأعلى لها ، كما هو الحال عند آلهة المشركين - على زعمهم - الذين يعتقدون بأنه سبحانه فوض إليهم بعض شؤون حياتهم ، كغفران الذنوب والشفاعة ، بل يظهر مما نقله ابن هشام في سيرته أن الشرك دخل مكة في صورة الشرك في الربوبية فيما يرجع إلى الاستمطار ، يقول ابن هشام :