نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 328
أما المسلمون ، فهم يواجهون العالم مرفوعي الرأس ، ويقولون : يا أيها الناس لقد بعث رجل من أرض الحجاز ، قبل ألف وأربعمائة سنة لقيادة المجتمع البشري ، وقد حقق نجاحا باهرا في مهمته ، وهذه آثار حياته ، محفوظة تماما في مكة والمدينة ، فهذه الدار التي ولد فيها ، وهذا غار حراء حيث هبط إليه الوحي والتنزيل فيها ، وهذا هو مسجده الذي كان يقيم الصلاة فيه ، وهذا هو البيت الذي دفن فيه ، وهذه بيوت أولاده وزوجاته وأقربائه ، وهذه قبور ذريته وأوصيائه ( عليهم السلام ) . والآن ، إذا قضينا على هذه الآثار فقد قضينا على معالم وجوده ( صلى الله عليه وآله ) ودلائل أصالته وحقيقته ، ومهدنا السبيل لأعداء الإسلام ليقولوا ما يريدون . إن هدم آثار النبوة وآثار أهل بيت العصمة والطهارة ليس فقط إساءة إليهم ( عليهم السلام ) وهتكا لحرمتهم ، بل هو عداء سافر مع أصالة نبوة خاتم الأنبياء ومعالم دينه القويم . إن رسالة الإسلام رسالة خالدة أبدية ، وسوف يبقى الإسلام دينا للبشرية جمعاء إلى يوم القيامة ، ولا بد للأجيال القادمة - على طول الزمن - أن تعترف بأصالتها وتؤمن بقداستها . ولأجل تحقيق هذا الهدف يجب أن نحافظ - أبدا - على آثار صاحب الرسالة المحمدية ( صلى الله عليه وآله ) لكي نكون قد خطونا خطوة في سبيل استمرارية هذا الدين وبقائه على مدى العصور القادمة ، حتى لا يشكك أحد في وجود نبي الإسلام ( صلى الله عليه وآله ) كما شككوا في وجود النبي عيسى ( عليه السلام ) . لقد اهتم المسلمون اهتماما كبيرا بشأن آثار النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) وسيرته وسلوكه ، حتى أنهم سجلوا دقائق أموره وخصائص حياته ومميزات شخصيته ، وكل ما يرتبط به كخاتمه ، وحذائه ، وسواكه ، وسيفه ، ودرعه ، ورمحه ، وجواده ، وإبله ، وغلامه ، وحتى الآبار التي شرب منها الماء ، والأراضي التي أوقفها لوجه الله سبحانه ، والطعام المفضل لديه ، بل وكيفية مشيته وأكله وشربه ، وما يرتبط بلحيته المقدسة وخضابه لها ، وغير ذلك ، ولا زالت آثار البعض منها باقية إلى
328
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 328