نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 293
رحيل الرسول ، دأبوا على زيارة قبره والتبرك به ، حتى أن الخليفتين أوصيا بدفنهما عند النبي ، لما فيه من التبرك بتربته ، فأين وصف زيارته بالبدعة من عمل صحابته ( صلى الله عليه وآله ) ؟ كما أنه تضافر عن ابن عمر أنه كان يأتي قبر النبي فيسلم عليه ، وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يبرد البريد لزيارة الرسول نيابة عنه ، وأن بلالا شد الرحال إلى المدينة لزيارة الرسول . وإضافة ذلك فإن الحوار الدائر بين الإمام مالك وأبي جعفر المنصور ، يكشف الغطاء ، ويجلي الحقيقة : روى القاضي عياض في الشفاء بإسناده عن ابن حميد قال : ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكا في مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال له مالك : يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد ، فإن الله تعالى أدب قوما ، فقال : { لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي } [1] ، ومدح قوما فقال : { إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله } [2] وذم قوما فقال : { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } [3] . وإن حرمته ميتا كحرمته حيا ، فاستكان لها أبو جعفر ، وقال : يا أبا عبد الله أستقبل القبلة وأدعو ، أم أستقبل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ فقال : ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم ( عليه السلام ) إلى الله تعالى يوم القيامة ، بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله تعالى ، قال الله تعالى : { ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله } [4] . فانظر هذا الكلام من مالك رحمه الله وما اشتمل عليه من الزيارة والتوسل