نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 278
وهذه الأمور التي كتب الله لهم بها أجرا ، وسيلة للجهاد ، ومقدمة للقتال ، وهذا يكشف عن التلازم بين الاستحبابين ، أو الثوابين . نعم ، ذهب بعض الأصوليين إلى عدم الملازمة ، ولكنهم متفقون على لزوم كون المقدمة مباحة لا محرمة ، لاستلزامه التناقض في التشريع ، حيث لا يعقل البعث إلى أمر ، مع المنع عما يوصل المكلف إليه ، وعلى كل تقدير لا يصح تحريم السفر مع افتراض كون الزيارة أمرا راجحا ، وفعلا مستحبا ، فلا محيص عن القول باستحبابه ، أو إباحته . ولا تجتمع حرمة المقدمة مع استحباب ذيها . نعم ، هنا فرق بين زيارة قبر النبي ، وزيارة قبور المسلمين ، فإن الأول مستحب بالخصوص ، بخلاف الآخرين ، فإنها مسنونة على وجه العموم ، فلو زار إنسان قبر أبيه أو أخيه ، فإنما يزورهما بما أن زيارتهما داخلة تحت عموم قوله ( صلى الله عليه وآله ) : " فزوروا القبور ، فإن زيارتها تذكركم الآخرة " ، وهذا بخلاف زيارة الرسول ، فإنها - مضافا إلى أنها داخلة تحت العموم - مستحبة في نفسها . وقد جرت سيرة المسلمين من عصر الصحابة إلى يومنا هذا على شد الرحال إلى زيارة النبي الأكرم وعدوا زيارتها قربة ، والسفر إليها مثلها ، ولم ينكر أحد قربية الزيارة ولا جواز السفر إلا ابن تيمية في أوائل القرن الثامن لشبهة طرأت له ، وسنتعرض لها في فصل مستقل . ولأجل إيقاف القارئ على اتصال السيرة إلى عصر الصحابة نذكر بعض ما يدل عليه : 1 - روى ابن عساكر بإسناده عن أبي الدرداء قال : لما فرغ عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) عن فتح بيت المقدس فصار إلى الجابية سأله بلال أن يقره بالشام ففعل ذلك - إلى أن قال - : ثم إن بلالا رأى في منامه رسول الله وهو يقول : ما هذه الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني يا بلال ، فانتبه حزينا وجلا خائفا ، فركب راحلته
278
نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 278