نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 125
5 - حكى ابن وضاح قال : ثوب المؤذن بالمدينة في زمان مالك . فأرسل إليه مالك فجاءه ، فقال له مالك : ما هذا الذي تفعل ؟ فقال : أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر فيقوموا . فقال له مالك : لا تفعل ، لا تحدث في بلدنا شيئا لم يكن فيه ، قد كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بهذا البلد عشر سنين وأبو بكر وعمر وعثمان فلم يفعلوا هذا ، فلا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه ، فكف المؤذن عن ذلك وأقام زمانا ، ثم إنه تنحنح في المنارة عند طلوع الفجر ، فأرسل إليه مالك ، فقال له : ما الذي تفعل ؟ قال : أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر ، فقال له : ألم أنهك أن لا تحدث عندنا ما لم يكن ؟ فقال : إنما نهيتني عن التثويب . فقال له : لا تفعل . فكف زمانا . ثم جعل يضرب الأبواب ، فأرسل إليه مالك . فقال : ما هذا الذي تفعل ؟ فقال : أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر ، فقال له مالك : لا تفعل ، لا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه [1] . ومراده من التثويب هو ما يقوله المؤذن بين الأذان والإقامة " قد قامت الصلاة " أو " حي على الصلاة " أو " حي على الفلاح " أو قوله " الصلاة يرحمكم الله " . والعجب أن الشاطبي مع إمامته في الفقه ربما يتأثر أحيانا بهذه الكلمات فيقول : فتأمل كيف منع مالك من إحداث أمر يخف شأنه عند الناظر فيه ببادي الرأي ، وجعله أمرا محدثا ، وقد قال في التثويب أنه ضلال وأنه بين ، لأن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، ولم يسامح المؤذن في التنحنح ولا في ضرب الأبواب ، لأن ذلك جدير بأن يتخذ سنة ، كما منع من وضع رداء عبد الرحمن بن مهدي خوفا من أن يكون حدثا أحدثه .