نام کتاب : في ظل أصول الإسلام نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 253
ربكم ترجعون ) * [1] . ومعنى الآية هو أن الموت ليس ضلالا في الأرض وأن الشخصية الإنسانية ليست هي الضالة الضائعة في ثنايا التراب ، إنما الضال في الأرض هو أجزاء البدن العنصري المادي ، فهذه الأجزاء هي التي تتبعثر في الأجواء والأراضي ، ولا يشكل البدن حقيقة الشخصية الإنسانية ، ولا مقوما لها ، وإنما واقعيتها هي نفس الإنسان ، وروحه ، وهي لا ينتابها ضلال ، ولا يطرأ عليها تبعثر ، بل يأخذها * ( يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون ) * . ويتجلى معنى الآية بوضوح إذا عرفنا أن التوفي في الآية يعني الأخذ في مثل قوله سبحانه : * ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ) * [2] . والمعنى : هو أن الله يقبض الأنفس ويأخذها في مرحلتين : حين الموت ، وحين النوم ، فما قضى عليها بالموت أمسكها ولم يردها إلى الجسد ، وما لم يقض عليها بالموت أرسلها إلى أجل مسمى . كل ذلك يكشف عن أن الموت ليس علامة الفناء وآية العدم بل هناك انخلاع عن الجسد ، وارتحال إلى عالم آخر ، ولولا ذلك لما كانت الآية جوابا على اعتراض المشركين ، وردا على زعمهم .