الاثبات وهو اتجاه المنطق الأرسطي . وكانت هذه المحاولة تتمثل في مذهب الشك الذي يعتبر ( بيرون ) من المبشرين الأساسين به . وتعرف عن ( بيرون ) حججه العشر على ضرورة الشك المطلق ، فكل قضية في نظره تحتمل قولين . ويمكن ايجابها وسلبها بقوة متعادلة . ولكن مذهب اليقين سيطر أخيرا على الموقف الفلسفي ، وتربع العقل على عرشه الذي أقعده عليه ( أرسطو ) يحكم ويقرر مقيدا بمقاييس المنطق . وخمدت جذوة الشك طيلة قرون ، حتى حوالي القرن السادس عشر إذ نشطت العلوم الطبيعية واكتشفت حقائق لم تكن بالحسبان وخاصة في الهيئة ونظام الكون العام . وكانت هذه التطورات العلمية بمثابة قوة الجدل في العصر اليوناني . فبعثت مذاهب الشك والانكار من جديد ، واستأنفت نشاطها بأساليب متعددة ، وقام الصراع بين اليقينيين أنفسهم في حدود اليقين الذي يجب أن يعتمد عليه الانسان . وفي هذا الجو المشبع بروح الشك والتمرد على سلطان العقل نبغ ( ديكارت ) ، وطلع على العالم بفلسفة يقينية كان لها تأثير كبير في ارجاع التيار الفلسفي حدا ما إلى اليقين . 2 - ديكارت : وهو من أقطاب الفلاسفة العقليين ومؤسسي النهضة الفلسفية في أوروبا . بدأ فلسفته بالشك ، الشك الجارف العاصف ، لان الأفكار متضاربة فهي اذن في معرض الخطأ ، والاحساسات خداعة في كثير من الأحايين فهي أيضا ساقطة من الحساب ، وبهذا وذاك تثور عاصفة الشك فتقتلع العالم المادي والمعنوي معا ما دام الطريق اليهما هو الفكر والاحساس . ويؤكد ( ديكارت ) على ضرورة هذا الشك المطلق ، ويدلل على منطقيته بأن من الجائز ان يكون الانسان واقعا في رحمة قوة تهيمن على وجوده وعقله وتحاول خداعه وتضليله ، فتوحي إليه بأفكار مقلوبة عن الواقع وادراكات