موقف الماركسية منها ، وماذا يجب أن تتخذ من رأي في مسألة المعرفة على ضوء أصولها الرئيسية ؟ وما هو حق المشكلة من التحليل والتحقيق ؟ 1 - آراء اليونان اجتاحت التفكير اليوناني موجة من السفسطة في القرن الخامس قبل الميلاد ، في عصر راجت فيه طريقة الجدل في ميادين الخطابة والمحاماة وتضاربت فيه الآراء الفلسفية والفرضيات غير التجريبية تضاربا شديدا ، ولم يكن الفكر الفلسفي قد تبلور ولم يبلغ درجة عالية من الرشد العقلي ، فكان هذا الصراع والتضارب بين المتناقضات الفلسفية سببا لبلبلة فكرية وارتياب جذري . وكانت ملكه الجدل تغذي ذلك بما تلهم ابطالها الجدليين من شبهات وأقيسة خاطئة ، أنكروا على أساسها العالم برفض جميع الركائز الفكرية للانسان وانكار المحسوسات والبديهيات . وقد وضع ( غورغياس ) - أحد ابطال هذه المدرسة - كتابا في ( اللاوجود ) وحاول ان يبرهن فيه على عدة قضايا : الأولى ، لا يوجد شيء ، الثانية ، إذا كان يوجد شيء فالانسان قاصر عن ادراكه ، الثالثة ، إذا فرضنا أن انسانا ادركه فلن يستطيع أن يبلغه لغيره . وقد عاشت السفسطة ردحا من الزمن تتفنن في عبثها بالفلسفة والعلم حتى بزغ سقراط ، وأفلاطون ، وأرسطو ، فكانت لهم مواقف جبارة ضدها . ووضع أرسطو للكشف عن مغالطات السفسطة وتنظيم الفكر الانساني منطقة المعروف ، وخلاصة مذهبه في نظرية المعرفة . ان المعلومات الحسية والمعلومات العقلية الأولية أو الثانوية التي تكتسب بمراعاة الأصول المنطقية هي حقائق ذات قيمة قاطعة . ولذا أجاز في البرهان - الدليل القاطع في مصطلحه المنطقي - استعمال المحسوسات والمعقولات معا . وقامت بعد ذلك محاولة للتوفيق بين الاتجاهين المتعارضين ، بين الاتجاه الذي يجنح إلى الانكار القاطع وهو السفسطة ، والاتجاه الذي يؤكد على