responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 83


وقد واجه الكيان الفلسفي هذه المحنة أو هذا الامتحان منذ نشأت الطريقة التجريبية وغزت الحقول العلمية بكفاءة ونشاط . واليكم قصة ذلك :
كانت الفلسفة قبل أن يسود الاتجاه التجريبي وفي مطلع فجرها تستوعب تقريبا كل المعارف البشرية المنظمة بشكل عام . فالرياضيات والطبيعيات تطرح على الصعيد الفلسفي كمسائل الميتافيزيقا تماما ، وتتحمل الفلسفة بمعناها العام الشامل مسؤولية الكشف عن الحقائق العامة في كل مجالات الكون والوجود ، وكانت أداة المعرفة التي تستخدمها الفلسفة في تلك الحقول جميعا هي القياس - الطريقة العقلية في التفكير أو السير الفكري من القضايا العامة إلى قضايا أخص منها .
وظلت الفلسفة تسيطر على الموقف الفكري للانسانية حتى بدأت التجربة تشق طريقها وتقوم بدورها في حقول كثيرة وهي تتدرج في المعرفة من الجزئيات إلى الكليات ، من موضوعات التجربة إلى قوانين أعم وأشمل ، فكان على الفلسفة ان تنكمش وتقتصر على مجالها الأصيل وتفسح المجال لمزاحمها - العلم - لينشط في سائر المجالات الأخرى وبذلك انفصلت العلوم عن الفلسفة وتحددت لكل منهما أداته الخاصة ومجاله الخاص . فالفلسفة تصطنع القياس أداة عقلية للتفكير ، والعلم يستخدم الطريقة التجريبية ويتدرج من الجزئيات إلى قوانين أعلى ، كما ان العلم - كل علم - يتناول شعبة من الوجود ونوعا خاصا له يمكن إخضاعه للتجربة فيبحث عن ظواهره وقوانينه في ضوء التجارب التي يمارسها . وأما الفلسفة فتتناول الوجود بصورة عامة دون تحديد أو تقييد وتبحث عن ظواهره وأحكامه التي لا تخضع للتجربة المباشرة .
فبينما يبحث العالم الطبيعي عن قانون تمدد الفلزات بالحرارة ، والعالم الرياضي عن النسبة الرياضية بين قطر الدائرة ومحيطها ، يدرس الفيلسوف ما إذا كان للوجود مبدأ أول انبثق مه الكون كله ، وما هو جوهر العلاقة بين العلة والمعلول ، وهل يمكن ان يكون لكل سبب سبب إلى غير نهاية ؟ وهل المحتوى الانساني مادي محض أو مزاج من المادية والروحية ؟
واضح من أول نظرة ان محتوى الأسئلة التي يثيرها العالم يمكن إخضاعها

83

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست