responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 73


ندرك تعاقبهما كثيرا حتى تحصل بينهما رابطة تداعي المعاني في الذهن لكان الليل والنهار من هذا القبيل . فكما أن الحرارة والغليان حادثان تعاقبا حتى نشأت بينهما رابطة التداعي كذلك الليل والنهار وتعاقبهما وتداعيهما ، مع أن عنصر العلية والضرورة الذي ندركه بين الحرارة والغليان ليس موجودا بين الليل والنهار ، فليس الليل علة للنهار ولا النهار علة لليل ، فلا يمكن اذن تفسير هذا العنصر بمجرد التعاقب المتكرر والمؤدي إلى تداعي المعاني كما حاوله ( هيوم ) .
ونخلص من ذلك إلى أن المذهب التجريبي يؤدي حتما إلى اسقاط مبدأ العلية ، والعجز عن اثبات علاقات ضرورية بين الأشياء ، وإذا سقط مبدأ العلية انهارت جميع العلوم الطبيعية باعتبار ارتكازها عليه كما ستعرف .
ان العلوم الطبيعية التي يريد التجريبيون اقامتها على أساس التجربة الخالصة هي بنفسها تحتاج إلى أصول عقلية أولية سابقة على التجارب . ذلك أن التجربة انما يقوم العالم بها في مختبره على جزئيات موضوعية محدودة ، فيضع نظرية لتفسير الظواهر التي كشفتها التجربة في المختبر وتعليلها بسبب واحد مشترك ، كالنظرية القائلة بأن سبب الحرارة هو الحركة استنادا إلى عدة تجارب فسرت بذلك ، ومن حقنا على العالم الطبيعي أن نسأله عن كيفية اعطائه للنظرية بصفة قانون كلي ينطبق على جميع الظروف المماثلة لظروف التجربة ، مع أن التجربة لم تقع الا على عدة أشياء خاصة ، أفليس هذا التعميم يستند إلى قاعدة وهي أن الظروف المتماثلة والأشياء المتشابهة في النوع والحقيقة يجب أن تشترك في القوانين والنواميس ؟ وهنا نتساءل مرة أخرى عن هذه القاعدة ، كيف توصل إليها العقل ؟ ولا يمكن للتجريبيين هنا أن يزعموا انها قاعدة تجريبية بل يجب أن تكون من المعارف العقلية السابقة على التجربة ، لأنها لو كانت مستندة إلى تجربة فهذه التجربة التي ترتكز عليها القاعدة هي أيضا لا تتناول بدورها الا موارد خاصة ، فكيف ركزت على أساسها قاعدة عامة ؟ ! فبناء قاعدة عامة وقانون كلي على ضوء تجربة واحدة أو عدة تجارب لا يمكن ان يتم الا بعد التسليم بمعارف عقلية سابقة .

73

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست