على المطلوب ) ، لأننا إذا ما قبلنا المقدمة ( كل انسان فان ) فانا ندخل في الموضوع - انسان - كل أفراد الناس ، وبعدئذ إذا ما عقبنا عليها بمقدمة ثانية ( بأن محمدا انسان ) فاما أن نكون على وعي بأن محمدا كان فردا من أفراد الناس الذين قصدنا إليهم في المقدمة الأولى ، وبذلك نكون على وعي كذلك بأنه ( فان ) قبل أن ننص على هذه الحقيقة في المقدمة الثانية ، وأما أن لا نكون على وعي بذلك فنكون في المقدمة الأولى قد عممنا بغير حق لأنا لم نكن نعلم الفناء عن كل أفراد الناس كما زعمنا . هذا عرض موجز للمذهب التجريبي الذي نجد أنفسنا مضطرين إلى رفضه للأسباب الآتية : الأول : ان نفس هذه القاعدة ( التجربة هي المقياس الأساسي لتمييز الحقيقة ) هل هي معرفة أولية حصل عليها الانسان من دون تجربة سابقة ؟ أو أنها بدورها أيضا كسائر المعارف البشرية ليست فطرية ولا ضرورية ؟ فإذا كانت معرفة أولية سابقة على التجربة بطل المذهب التجريبي الذي لا يؤمن بالمعارف الأولية ، وثبت وجود معلومات انسانية ضرورية بصورة مستقلة عن التجربة . وإذا كانت هذه المعرفة محتاجة إلى تجربة سابقة فمعنى ذلك انا لا ندرك في بداية الأمر ان التجربة مقياس منطقي مضمون الصدق ، فكيف يمكن البرهنة على صحته واعتباره مقياسا بتجربة ما دامت غير مضمونة الصدق بعد ؟ وبكلمة أخرى ، ان القاعدة المذكورة التي هي ركيزة المذهب التجريبي ان كانت خطأ سقط المذهب التجريبي بانهيار قاعدته الرئيسية ، وان كانت صوابا صح لنا ان نتساءل عن السبب الذي جعل التجريبيين يؤمنون بصواب هذه القاعدة ، فان كانوا قد تأكدوا من صوابها بلا تجربة فهذا يعني انها قضية بديهية وان الانسان يملك حقائق وراء عالم التجربة ، وان كانوا قد تأكدوا من صوابها بتجربة سابقة فهو أمر مستحيل لان التجربة لا تؤكد قيمة نفسها . الثاني : ان المفهوم الفلسفي الذي يرتكز على المذهب التجريبي يعجز عن اثبات المادة ، لان المادة لا يمكن الكشف عنها بالتجربة الخالصة بل كل ما يبدو