{ يومئذ يصدر الناس اشتاتا ليروا اعمالهم ، فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } . { ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ، ولا نصب ، ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار ، ولا ينالون من عدو نيلا . . . الا كتب لهم به عمل صالح ، ان الله لا يضيع أجر المحسنين . ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ، ولا يقطعون واديا . . . الا كتب لهم ليجزيهم أحسن ما كانوا يعملون } . هذه بعض الصور الرائعة التي يقدمها الدين مثالا على الأسلوب الأول . الذي يتبعه للتوفيق بين المقياسين وتوحيد الميزانين فيربط بين الدوافع الذاتية وسبل الخير في الحياة ، ويطور من مصلحة الفرد تطويرا يجعله يؤمن بأن مصالحه الخاصة والمصالح الحقيقية العامة للانسانية - التي يحددها الاسلام - مترابطتان [1] . وأما الأسلوب الثاني الذي يتخذه الدين ، للتوفيق بين الدافع الذاتي والقيم أو المصالح الاجتماعية فهو التعهد بتربية أخلاقية خاصة ، تعني بتغذية الانسان روحيا ، وتنمية العواطف الانسانية والمشاعر الخلقية فيه . فان في طبيعة الانسان - كما ألمعنا سابقا - طاقات واستعدادات لميول متنوعة ، بعضها ميول مادية تنفتح شهواتها بصورة طبيعية كشهوات الطعام والشراب والجنس ، وبعضها ميول معنوية تنفتح وتنمو بالتربية والتعاهد . ولأجل ذلك كان من الطبيعي للانسان - إذا ترك لنفسه - ان تسيطر عليه الميول المادية لأنها تنفتح بصورة طبيعية . وتظل الميول المعنوية واستعداداتها الكامنة في النفس مستترة . والدين باعتباره يؤمن بقيادة معصومة مسددة من الله ، فهو يوكل أمر تربية الانسانية وتنمية الميول المعنوية فيها إلى هذه القيادة وفروعها ، فتنشأ بسبب ذلك مجموعة من العواطف والمشاعر النبيلة . ويصبح الانسان يحب القيم الخلقية والمثل التي يربيه الدين على احترامها ويستبسل في سبيلها ، ويزيح عن