للتعبير به عنه ، وقد نفكر في موضوع ، في نفس الوقت الذي نتكلم فيه عن موضوع آخر . وقد قمنا في دراستنا الموسعة للمادية التاريخية في كتاب ( اقتصادنا ) بنقد مستوعب لنظريات الماركسية عن الادراك البشري من ناحية علاقته بالظروف الاجتماعية والمادية وتفسيره على أساس الظروف الاقتصادية ، كما تناولنا بتفصيل ، الرأي الماركسي القائل بانبثاق الفكر من اللغة وارتباطه بها . ولاجل هذا نكتفي هنا بما جاء في الطبعة الأولى من هذا الكتاب استغناء بدراستنا الموسعة في الحلقة الثانية - اقتصادنا . فالحياة الاجتماعية والظروف المادية - اذن - لا تحدد أفكار الناس ومشاعرهم - بصورة آلية - عن طريق المنبهات الخارجية . نعم ان الانسان قد يكيف أفكاره تكييفا اختياريا بالبيئة والمحيط كما نادت بذلك المدرسة الوظيفية في علم النفس تأثرا بنظرية التطور عند لا مارك في البيولوجيا ، فكما ان الكائن الحي يتكيف عضويا تبعا لمحيطه ، كذلك الامر في حياته الفكرية ولكنا يجب ان نعلم : أولا : ان هذا التكيف يوجد في الأفكار العملية ، التي وظيفتها تنظيم الحياة الخارجية ، ولا يمكن ان يوجد في الأفكار التأملية ، التي وظيفتها الكشف عن الواقع . فالمبادئ المنطقية ، أو الرياضية ، وغيرهما من الأفكار التأملية ، تنبع من العقل ، ولا تتكيف بمقتضيات البيئة الاجتماعية ، والا لكان مصير ذلك إلى الشك الفلسفي المطلق ، في كل حقيقة ، إذ لو كانت الأفكار التأملية جميعا ، تتكيف بعوامل المحيط ، وتتغير تبعا لها ، لم يؤمن على أي فكرة أو حقيقة من التغير والتبدل . ثانيا : ان تكيف الأفكار العملية ، بمقتضيات البيئة وظروفها ، ليس آليا بل هو تكيف اختياري ، ينشأ من دوافع إرادية في الانسان ، تسوقه إلى جعل النظام المنسجم مع محيطه وبيئته ، ، وبذلك يزول التعارض - تماما - بين المدرسة