responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 29


تشخيص الداء ، وتعيين النقطة التي انطلق منها الشر حتى اكتسح العالم في ظل الأنظمة الرأسمالية . فبقيت تلك النقطة محافظة على موضعها من الحياة الاجتماعية في المذهب الشيوعي . وبهذا لم تظفر الانسانية بالحل الحاسم لمشكلتها الكبرى ، ولم تحصل على الدواء الذي يطيب أدواءها ويستأصل أعراضها الخبيثة .
أما مضاعفات هذا العلاج فهي جسيمة جدا : فان من شأنه القضاء على حريات الافراد ، لإقامة الملكية الشيوعية مقام الملكيات الخاصة .
وذلك لأن هذا التحويل الاجتماعي الهائل على خلاف الطبيعة الانسانية العامة ، إلى حد الآن على الأقل - كما يعترف بذلك زعماؤه - باعتبار ان الانسان المادي لا يزال يفكر تفكيرا ذاتيا ، ويحسب مصالحه من منظاره الفردي المحدود . ووضع تصميم جديد للمجتمع يذوب فيه الأفراد نهائيا ، ويقضي على الدوافع الذاتية قضاء تاما . . . موضع التنفيذ ، يتطلب قوة حازمة تمسك زمام المجتمع بيد حديدية ، وتحبس كل صوت يعلو فيه ، وتخنق كل نفس يتردد في أوساطه ، وتحتكر جميع وسائل الدعاية والنشر ، وتضرب على الأمة نطاقا لا يجوز أن تتعداه بحال ، وتعاقب على التهمة والظنة ، لئلا يفلت الزمام من يدها فجأة . وهذا أمر طبيعي في كل نظام يراد فرضه على الأمة ، قبل أن تنضج فيها عقلية ذلك النظام وتعم روحيته .
نعم لو أخذ الانسان المادي يفكر تفكيرا اجتماعياً ، ويعقل مصالحه بعقلية جماعية ، وذابت من نفسه جيمع العواطف الخاصة والأهواء الذاتية والانبعاثات النفسية ، لأمكن ان يقوم نظام يذوب فيه الافراد ، ولا يبقى في الميدان الا العملاق الاجتماعي الكبير . ولكن تحقيق ذلك في الانسان المادي ، الذي لا يؤمن الا بحياة محدودة ولا يعرف معنى لها الا اللذة المادية يحتاج إلى معجزة تخلق الجنة في الدنيا ، وتنزل بها من السماء إلى الأرض . والشيوعيون يعدوننا بهذه الجنة ، وينتظرون ذلك اليوم الذي يقضي فيه المعمل على طبيعة الانسان ، ويخلقه من جديد انسانا مثاليا في أفكاره وأعماله ، وان لم يكن يؤمن بذرة من القيم المثالية والأخلاقية . ولو تحققت هذه المعجزة فلنا معهم حينئذ كلام .

29

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 29
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست