العمل ، معتذرين بأنها فوارق موقتة سوف تزول حينما يقضي على العقلية الرأسمالية ، وينشأ الانسان انشاءا جديدا . وهم لأجل ذلك يجرون التغيرات المستمرة على طرائقهم الاقتصادية وأساليبهم الاشتراكية ، لتدارك فشل كل طريقة بطريقة جديدة . ولم يوفقوا حتى الآن للتخلص من جميع الركائز الأساسية في الاقتصاد الرأسمالي . فلم تلغ مثلا القروض الربوية نهائيا ، مع انها في الواقع أساس الفساد الاجتماعي في الاقتصاد الرأسمالي . ولا يعني هذا كله ان أولئك الزعماء مقصرون ، أو انهم غير جادين في مذهبهم وغير مخلصين لعقيدتهم . . . وانما يعني انهم اصطدموا بالواقع حين أرادوا التطبيق ، فوجدوا الطريق مليئا بالمعاكسات والمناقضات ، التي تضعها الطبيعة الانسانية امام الطريقة الانقلابية للاصلاح الاجتماعي الذي كانوا يبشرون به ، ففرض عليهم الواقع التراجع آملين ان تتحقق المعجزة في وقت قريب أو بعيد . وأما من الناحية السياسية ، فالشيوعية تستهدف في نهاية شوطها الطويل إلى محو الدولة من المجتمع ، حين تتحقق المعجزة وتعم العقلية الجماعية كل البشر ، فلا يفكر الجميع الا في المصلحة المادية للمجموع وأما قبل ذلك ، ما دامت المعجزة غير محققة ، وما دام البشر غير موحدين في طبقة ، والمجتمع ينقسم إلى قوى رأسمالية وعمالية . . . فاللازم ان يكون الحكم عمالياً خالصا ، فهو حكم ديمقراطي في حدود دائرة العمال ، ودكتاتوري بالنسبة إلى العموم . وقد عللوا ذلك بأن الدكتاتورية العمالية في الحكم ضرورية في كل المراحل ، التي تطويها الانسانية بالعقلية الفردية ، وذلك حماية لمصالح الطبقة العاملة . وخنقا لأنفاس الرأسمالية . ومنعا لها عن البروز إلى الميدان من جديد . والواقع أن هذا المذهب ، الذي يتمثل في الاشتراكية الماركسية ، ثم في الشيوعية الماركسية . . . يمتاز على النظام الديمقراطي الرأسمالي بأنه يرتكز على فلسفة مادية معينة ، تتبنى فهما خاصا للحياة ، لا يعترف لها بجميع المثل والقيم المعنوية ، ويعللها تعليلا لا موضع فيه لخالق فوق حدود الطبيعة ، ولا لجزاء