حديدية أصغر منها حال سخونتها ، فتنكمش الإطارات إذا بردت وتشتد على الخشب ، ولنفرض انه كرر التجربة عدة مرات على أجسام أخرى ، فلن ينجو في نهاية المطاف التجريبي ، عن مواجهة هذا السؤال : ما دمت لم تستقص جميع الجزئيات ، فكيف يمكنك ان تؤمن ، بأن إطارات جديدة أخرى غير التي جربتها ، تتمدد هي الأخرى أيضا بالحرارة ؟ والجواب الوحيد على هذا السؤال ، هو مبدأ العلية وقوانينها . فالعقل حيث انه لا يقبل الصدفة والاتفاق ، وانما يفسر الكون بالعلية وقوانينها ، من الحتمية والتناسب ، يجد في التجارب المحدودة ، الكفاية للايمان ، بالنظرية العامة . القائلة بتمدد الأجسام بالحرارة ، لان هذا التمدد ، الذي كشفت عنه التجربة - لم يكن صدفة ، وانما كان حصيلة الحرارة ومعلولا لها ، وحيث أن قانون التناسب في العلية ، ينص على أن المجموعة الواحدة من الطبيعة ، تتفق في أسبابها ونتائجها وعللها وآثارها ، فلا غرو أن تحصل كل المبررات حينئذ ، للتأكيد على شمول ظاهرة التمدد لسائر الأجسام . وهكذا نعرف ، أن وضع النظرية العامة ، لم يكن ميسورا ، دون الانطلاق من مبدأ العلية . فمبدأ العلية هو الأساس الأول ، لجميع العلوم والنظريات التجريبية . وبتلخيص : ان النظريات التجريبية ، لا تكتسب صفة علمية ، ما لم تعمم لمجالات أوسع من حدود التجربة الخاصة ، وتقدم كحقيقة عامة . ولا يمكن تقديمها كذلك الا على ضوء مبدأ العلية وقوانينها ، فلابد للعلوم عامة أن تعتبر مبدأ العلية ، وما إليها من قانوني الحتمية والتناسب ، مسلمات أساسية ، وتسلم بها بصورة سابقة ، على جميع نظرياتها وقوانينها التجريبية . * العلية والاستدلال مبدأ العلية هو الركيزة التي تتوقف عليها جميع محاولات الاستدلال ، في كل مجالات التفكير الانساني ، لان الاستدلال بدليل على شيء من الأشياء ، يعني أن الدليل إذا كان صحيحا ، فهو سبب للعلم بالشيء المستدل عليه .