responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 264


ومن الواضح ان القانونين الأخيرين : الحتمية والتناسب ، منبثقان عن مبدأ العلية . فلو لم تكن في الكون علية بين بعض الأشياء وبعض ، وكانت الأشياء تحدث صدفة واتفاقا ، لم يكن من الحتمي ان يوجد الاشعاع بدرجة معينة ، حين تكون هناك ذرة راديوم ، ولم يكن من الضروري أيضا أن تشترك جميع ذرات العنصر . في ظواهر إشعاعية معينة ، بل يصبح من الجائز ان يكون الاشعاع في ذرة دون أخرى ، لا لشيء الا للصدفة والاتفاق ، ما دام مبدأ العلية خارجا عن حساب الكون . فمرد الحتمية والتناسب معا إلى مبدأ العلية .
ولنعد الآن - بعد أن عرفنا الفقرات الرئيسية الثلاث : العلية ، والحتمية ، والتناسب - إلى العلوم والنظريات العلمية ، فإننا سوف نجد بكل وضوح ، ان جميع النظريات والقوانين ، التي تزخر بها العلوم . مرتكزة في الحقيقة ، على أساس تلك الفقرات الرئيسية ، وقائمة على مبدأ العلية وقوانينها . فلو لم يؤخذ هذا المبدأ كحقيقة فلسفية ثابتة ، لما أمكن أن تقام نظرية ، ويشاد قانون علمي ، له صفة العموم والشمول . ذلك ان التجربة ، التي يقوم بها العالم الطبيعي في مختبره ، لا يمكن ان تستوعب جميع جزئيات الطبيعة ، وانما تتناول عدة جزئيات محدودة متفقة في حقيقتها فتكشف عن اشتراكها في ظاهرة معينة ، وحيث يتأكد العالم من صحة التجربة ودقتها وموضوعيتها ، يضع فورا نظريته أو قانونه العام ، الشامل لجميع ما يماثل موضوع تجربته من أجزاء الطبيعة . وهذا التعميم ، الذي هو شرط أساسي لإقامة علم طبيعي ، لا مبرر له الا قوانين العلية بصورة عامة ، وقانون التناسب منها بصورة خاصة ، القائل : ان كل مجموعة متفقة في حقيقتها ، يجب أن تتفق - أيضا - في العلل والآثار . فلو لم تكن في الكون علل وآثار ، وكانت الأشياء تجري على حسب الاتفاق البحت ، لما أمكن للعالم الطبيعي القول : ان ما صح في مختبره الخاص ، يصح على كل جزء من الطبيعة على الاطلاق . ولنأخذ لذلك مثالا بسيطا ، مثال العالم الطبيعي . الذي أثبت بالتجربة ان الأجسام تتمدد حال حرارتها ، فإنه لم يحط بتجاربه جميع الأجسام ، التي يحتويها الكون طبعا ، وانما أجرى تجاربه على عدة أجسام متنوعة ، كعجلات العربة الخشبية ، التي توضع عليها إطارات

264

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست