ومصالحهم . . . ستحفظ في الجو الاجتماعي لهذا النظام كحالها في الأجواء الاجتماعية القديمة . وغاية ما في الموضوع من فرق : ان الاستهتار بالكرامة الانسانية كان من قبل أفراد بأمة ، وأصبح في هذا النظام من الفئات التي تمثل الأكثريات بالنسبة إلى الأقليات ، التي تشكل بمجموعها عددا هائلا من البشر . وليت الامر وقف عند هذا الحد ، إذا كانت المأساة هينة ، ولكان المسرح يحتفل بالضحكات أكثر مما يعرض من دموع ، بل ان الامر تفاقم واشتد حين برزت المسألة الاقتصادية من هذا النظام بعد ذلك ، فقررت الحرية الاقتصادية على هذا النحو الذي عرضناه سابقا ، وأجازت مختلف أساليب الثراء وألوانه مهما كان فاحشا ، ومهما كان شاذا في طريقته وأساليبه ، وضمنت تحقيق ما أعلنت عنه . في الوقت الذي كان العالم يحتفل بانقلاب صناعي كبير ، والعلم يتمخض عن ولادة الآلة التي قلبت وجه الصناعة وكسحت الصناعات اليدوية ونحوها ، فانكشف الميدان عن ثراء فاحش من جانب الأقلية من أفراد الأمة ، ممن أتاحت لهم الفرص وسائل الانتاج الحديث وزودتهم الحريات الرأسمالية غير المحدودة بضمانات كافية لاستثمارها واستغلالها إلى أبعد حد ، والقضاء بها على كثير من فئات الأمة التي اكتسحت الآلة البخارية صناعتها ، وزعزعت حياتها ، ولم تجد سبيلا للصمود في وجه التيار ، ما دام أرباب الصناعات الحديثة مسلحين بالحرية الاقتصادية وبحقوق الحريات المقدسة كلها ، وهكذا خلا الميدان الا من تلك الصفوة من أرباب الصناعة والانتاج ، وتضاءلت الفئة الوسطى واقتربت إلى المستوى العام المنخفض ، وصارت هذه الأكثرية المحطمة تحت رحمة تلك الصفوة ، التي لا تفكر ولا تحسب الا على الطريقة الديمقراطية الرأسمالية . ومن الطبيعي حينئذ ان لا تمد يد العطف والمعونة إلى هؤلاء ، لتنتشلهم من الهوة وتشركهم في مغانمها الضخمة . ولماذا تفعل ذلك ؟ ! ما دام المقياس الخلقي هو المنفعة واللذة ، وما دامت الدولة تضمن لها مطلق الحرية فيما تعمل ، وما دام النظام الديمقراطي الرأسمالي يضيق بالفلسفة المعنوية للحياة ومفاهيمها الخاصة ؟ ! فالمسألة إذا يجب أن تدرس بالطريقة التي يوحي بها هذا النظام ، وهي ان