الجدل ، الذي يحكم العالم ، يتضمن ثلاث مراحل تدعى : الأطروحة ، والطباق ، والتركيب ، وفي تعبير آخر ، الاثبات ، والنفي ونفي النفي وبحكم هذا النهج الجدلي يكون كل شيء مجتمعا مع نقيضه ، فهو ثابت ومنفي ، وموجود ومعدوم ، في وقت واحد . وقد ادعى المنطق الهيجلي انه قضى - بما زعمه للوجود من جدل - على الخطوط الرئيسية للمنطق الكلاسيكي ، وهي - في زعمه - كما يأتي : أولا : مبدأ عدم التناقض . وهو يعني ان الشيء الواحد لا يمكن أن يتصف بصفة ، وبنقيض تلك الصفة في وقت واحد . ثانيا : مبدأ الهوية ، وهو المبدأ القائل ان كل ماهية فهي ما هي بالضرورة ، ولا يمكن سلب الشيء عن ذاته . ثالثا : مبدأ السكون والجمود في الطبيعة الذي يرى سلبية الطبيعة وثباتها ، وينفي الديناميكية عن دنيا المادة . فالمبدأ الأول لا موضع له في المنطق الجديد ، ما دام كل شيء قائما في حقيقته على التناقض . وإذا ساد التناقض كقانون عام ، فمن الطبيعي ان يسقط المبدأ الثاني للمنطق الكلاسيكي أيضا ، فان كل شيء تسلب عنه هويته في لحظة الاثبات بالذات ، لأنه في صيرورة مستمرة ، وما دام التناقض هو الجذر الأساسي لكل حقيقة ، فلا غرو فيما إذا كانت الحقيقة تعني شيئين متناقضين على طول الخط . ولما كان هذا التناقض المركز في صميم كل حقيقة مثيرا لصراع دائم في جميع الأشياء ، والصراع يعني الحركة والاندفاع ، فالطبيعة في نشاط وتطور دائم ، وفي اندفاعه وصيرورة مستمرة . هذه هي الضربات التي زعم المنطق الديالكتيكي انه سددها إلى المنطق الانساني العام ، والمفهوم المألوف للعالم ، الذي ارتكزت عليه الميتافيزيقية آلاف السنين . وتتلخص الطريقة الجديدة لفهم الوجود في افتراض قضية أولى ، وجعلها أصلا ، ثم ينقلب هذا الأصل إلى نقيضه ، بحكم الصراع في المحتوى الداخلي