الموضوعي يبدو لنا في أفكارنا وحواسنا كما هو في مجاله الخارجي المستقل ؟ ونجيب بالنفي ما دام الادراك في المفهوم المادي عملا فيزيولوجياً خالصا . ويلزمنا في هذا الصدد ان نعرف لون العلاقة القائمة بين الادراك أو الفكرة أو الاحساس ، والشيء الموضوعي في المفهوم المادي . على أساس المادية الآلية ، وعلى أساس المادية الديالكتيكية معا . أما على أساس المادية الآلية ، فالصورة أو الادراك الحسي انعكاس للواقع الموضوعي في الجهاز العصبي انعاكسا آليا ، كما تنعكس الصورة في المرآة أو العدسة . فان المادية الآلية لا تعترف للمادة بحركة ونشاط ذاتي ، وتفسر جميع الظواهر تفسيرا آليا ، ولذلك لا يمكنها ان تفهم علاقات المادة الخارجية بالنشاط الذهني للجهاز العصبي ، الا في ذلك الشكل الجامد من الانعكاس . وتواجه حينئذ السؤالين التاليين : هل يوجد في الاحساس شيء موضوعي ، أي شيء ليس متعلقا بالانسان وانما انتقل إلى الحس من الواقع الخارجي للمادة ؟ وإذا كان يوجد شيء من هذا القبيل في الاحساس ، فكيف انتقل هذا الشيء من الواقع الموضوعي إلى الاحساس ؟ والمادية الآلية لا تستطيع ان تجيب على السؤال الأول بالاثبات ، لأنها إذا أثبتت وجود شيء موضوعي في الاحساس لزمها ان تبرر كيفية انتقال الواقع الموضوعي إلى الاحساس الذاتي ، أي أن تجيب على السؤال الثاني وتفسر عملية الانتقال ، وهذا ما تعجز عنه ، ولذا فهي مضطرة إلى ان تضع نظرية الانعكاس ، وتفسر العلاقة بين الفكرة والشيء الموضوعي ، كما تفسر العلاقة بين صورة المرآة أو العدسة ، والواقع الموضوعي الذي ينعكس فيهما . وأما المادية الديالكتيكية - التي لا تجيز الفصل بين المادة والحركة ، وتعتبر كيفية وجود المادة هي الحركة - فقد حاولت ان تعطي تفسيرا جديدا لعلاقة الفكرة بالواقع الموضوعي على هذا الأساس ، فزعمت أن الفكرة ليست صورة آلية محضا لذلك الواقع ، بل الواقع يتحول إلى فكرة ، لان كلا منهما شكل