وبين ما يعرف بعد ) ) فكلما ازداد عمق معرفتنا للواقع أصبح الشيء في ذاته تدريجيا شيئا لذاتنا ) ) [1] . ولأجل ان ندرس الماركسية في هذا النص ، يجب ان نميز بين معنيين لفكرة فصل الشيء في ذاته عن الشيء لذاتنا . الأول : ان العلم البشري لما كان يرتكز - في نظر المبدأ الحسي التجريبي - على الحس ، والحس لا يتناول الا ظواهر الطبيعة ، ولا ينفذ إلى الصميم والجوهر ، فهو مقصور على هذه الظواهر التي يمتد إليها الحس التجريبي ، وتقوم بذلك هوة فاصلة بين الظواهر والجوهر . فالظواهر هي الأشياء لذاتنا ، لأنها الجانب السطحي القابل للادراك من الطبيعة ، والجوهر هو الشيء في ذاته ولا تنفذ اليه المعرفة البشرية . ويحاول جورج بوليتزير القضاء على هذه الثنائية بحذف المادة أو الجوهر من الواقع الموضوعي ، فهو يؤكد على أن الجدل لا يميز بين صفات الشيء والشيء في ذاته ، بل يعتبر الشيء عبارة عن مجموعة الصفات والظواهر . ومن الواضح ان هذا لون من ألوان المثالية التي نادى بها ( باركلي ) حين احتج على اعتقاد الفلاسفة بوجود مادة وجوهر وراء الصفات والظواهر التي تبدو لنا في تجاربنا ، وهو لون من المثالية يحتمه المبدأ الحسي والتجريبي . فما دام الحس هو القاعدة الأساسية للمعرفة ، وهو لا يدرك سوى الظواهر ، فلا بد من اسقاط الجوهر من الحساب . وإذا سقط فلا يبقى في الميدان الا الظواهر والصفات القابلة للادراك . الثاني : ان الظواهر - التي يمكن ادراكها ومعرفتها - ليست هي في مدراكنا وحواسنا كما هي في واقعها الموضوعي . فالثنائية ليست هنا بين الظاهرة والجوهر ، بل بين الظاهرة كما تبدو لنا والظاهرة كما هي موجودة بصورة موضوعية مستقلة . فهل تستطيع الماركسية أن تقضي على هذه الثنائية ؟ وتبرهن على أن الواقع