ج - قال جورج بوليتزير : ( ( ليس هناك من يشك في أن الحياة المادية للمجتمع توجد مستقلة عن وعي الناس ، إذ ليس ثمة من يتمنى الأزمة الاقتصادية ، سواء كان رأسمالياً أو بروليتاريا ، رغم ان هذه الأزمة تحدث حتما ) ) [1] . وهذا لون جديد يتخذه الماركسيون للرد على المثالية ، ف ( جورج لا يستند في هذا النص إلى حقائق علمية ، وانما يركز استدلاله على حقائق وجدانية ، نظرا إلى ان كل واحد منا يشعر بوجدانه انه لا يتمنى كثيرا من الحوادث التي تحدث ، ولا يرغب في وجودها ، ومع ذلك هي تحدث وتوجد خلافا لرغبته ، فلا بد اذن أن يكون للحوادث وتسلسلها المطرد واقع موضوعي مستقل . وليست هذه المحاولة الجديدة بأدنى إلى التوفيق من المحاولات السابقة ، لأن المفهوم المثالي - الذي ترجع فيه الأشياء جميعا إلى مشاعر وإدراكات - لا يزعم ان هذه المشاعر والادراكات تنبثق عن اختيار الناس وإرادتهم المطلقة ، ولا تتحكم فيها قوانين ومبادئ عامة ، بل المثالية والواقعية متفقتان على أن العالم يسير طبقا لقوانين ومبادئ تجري عليه وتتحكم فيه ، وانما يختلفان في تفسير هذا العالم واعتباره ذاتيا موضوعيا . والنتيجة التي تؤكد عليها مرة أخرى هي ان من غير الممكن اعطاء مفهوم صحيح للفلسفة الواقعية ، والاعتقاد بواقعية الحس والتجربة الا على أساس المذهب العقلي ، القائل بوجود مبادئ عقلية ضرورية مستقلة عن التجربة . وأما إذا بدأنا البحث في مسألة المثالية والواقعية من التجربة أو الحس - اللذين هما مورد النزاع الفلسفي بين المثاليين والواقعيين - فسوف ندور في حلقة مفرغة ، ولا يمكن ان نخرج منها بنتيجة في صالح الواقعية الفلسفية .