الفلسفة التي انقسم الفلاسفة في الجواب عنها إلى مثاليين وواقعيين بدت لهم مغلوطة . فالمسألة الأساسية هي مسألة ما إذا كان للعالم واقع موضوعي مستقل عن ذهننا وشعورنا ، وقد فهمها أولئك الفيزيائيون على أنها لا تقبل سوى إجابتين على الوجه الآتي فقط : اما أن مرد العالم إلى الذهن والشعور فلا وجود له بصورة موضوعية ، واما ان العالم واقع مادي موجود خارج الذهن والشعور . فإذا استبعدنا الإجابة الثانية بالبراهين والتجارب العلمية التي دلت على أن المادية ليست الا قناعا للحقيقة التي ينطوي عليها العالم ، لزمنا الأخذ بالإجابة الأولى والاعتقاد بالمفهوم المثالي البحت للعالم . ولكن الحقيقة أن الإجابتين لم توضعا وضعا صحيحا فيما سبق ذلك ان تقديم إجابة تناقض الإجابة المثالية لا تحتم علينا الايمان بلزوم الصفة المادية للواقع الموضوعي ، فان الواقعية التي تخالف المثالية بصورة متقابلة لا تعني أكثر من الاعتراف بوجود واقع موضوعي مستقل عن الذهن والشعور ، وأما أن هذا الواقع الموضوعي المستقل هل هو المادة أو القوة أو الحركة أو الموج الكهربائي . . فذلك سؤال آخر يجب على الواقعية التي آمنت بالعالم الموضوعي ان تجيب عنه على ضوء العلم والاكتشافات التجريبية . ومتى فرقنا بين المسألتين تفريقا تاما استطعنا ان نرد الاتجاه المثالي السابق الذكر إلى الخطأ الذي يرتكز عليه . فقد عرفنا أن السؤال الأول هو : هل للعالم واقع مستقل عن الذهن البشري ؟ والإجابتان عن هذا السؤال هما للمثالية والواقعية . فالمثالية تجيب بالنفي والواقعية تجيب بالاثبات . وكلتا الإجابتين يجب ارتكازهما على أساس فلسفي بحت ولا كلمة للعلم والتجربة في هذا الموضوع . والسؤال الآخر ، ما هو الواقع الموضوعي المستقل ؟ وهل تلزمه خصائص