* تمهيد * المسألة الاجتماعية مشكلة العالم التي تملأ فكر الانسانية اليوم ، وتمس واقعها بالصميم هي مشكلة النظام الاجتماعي التي تتلخص في محاولة اعطاء أصدق إجابة عن السؤال الآتي : ما هو النظام الذي يصلح للإنسانية وتسعد به في حياتها الاجتماعية ؟ ومن الطبيعي ان تحتل هذه المشكلة مقامها الخطير ، وان تكون في تعقيدها وتنوع ألوان الاجتهاد في حلها مصدرا للخطر على الإنسانية ذاتها ، لان النظام داخل في حساب الحياة الإنسانية ومؤثر في كيانها الاجتماعي في الصميم . وهذه المشكلة عميقة الجذور في الأغوار البعيدة من تاريخ البشرية ، وقد واجهها الإنسان منذ نشأت في واقع الحياة الاجتماعية ، وانبثقت الانسانية الجماعية تتمثل في عدة أفراد تجمعهم علاقات وروابط مشتركة . فان هذه العلاقات التي تكونت تحقيقا لمتطلبات الفطرة والطبيعة في حاجة بطبيعة الحال إلى توجيه وتنظيم ، وعلى مدى انسجام هذا التنظيم مع الواقع الإنساني ومصالحه يتوقف استقرار المجتمع وسعادته . وقد دفعت هذه المشكلة بالإنسانية في ميادينها الفكرية والسياسية إلى خوض جهاد طويل ، وكفاح حافل بمختلف ألوان الصراع ، وبشتى مذاهب العقل البشري التي ترمي إلى إقامة البناء الاجتماعي وهندسته ، ورسم خططه ووضع ركائزه ، وكان جهادا مرهقا يضج بالمآسي والمظالم ، ويزخر بالضحكات