responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 107


الدليل الأول : ان جميع الادراكات البشرية ترتكز على الحس وترجع اليه ، فالحس هو القاعدة الرئيسية لها ، وإذا حاولنا اختبار هذه القاعدة وجدناها مشحونة بالتناقضات والأخطاء . فحاسة البصر تتناقض دائما في رؤيتها للأجسام عند قربها وبعدها ، فهي تدركها صغيرة الحجم إذا كانت بعيدة عنها ، وتدركها بحجم أكبر إذا كانت قريبة منها ، وحاسة اللمس هي أيضا تتناقض ، فقد ندرك بها شيئا واحدا إدراكين مختلفين ، ويوضح باركلي بعد ذلك فيقول ، اغمس يديك في ماء دافئ بعد أن تغمس إحداهما في ماء ساخن والأخرى في ماء بارد ، أفلا يبدو الماء باردا لليد الساخنة وساخنا لليد الباردة ؟ فهل يجب اذن أن نقول عن الماء انه ساخن وبارد في نفس الوقت ؟ أو ليس هذا هو الكلام الفارغ بعينه ؟ واذن فلتستنتج معي ان الماء في ذاته لا يوجد كمادة مستقلا عن وجودنا . فهو ليس سوى اسم نطلقه نحن على إحساسنا . فالماء يوجد فينا نحن . وفي كلمة واحدة ، المادة هي الفكرة التي نضعها عن المادة . وإذا كانت الإحساسات فارغة عن كل حقيقة موضوعية للتناقضات الملحوظة فيها لم تبق للمعرفة البشرية قيمة موضوعية مطلقا . لأنها ترتكز بصورة عامة على الحس وإذا انهارت القاعدة انهار الهرم كله .
وهذا الدليل لا قيمة له للأسباب الآتية :
أولا : ان المعارف البشرية لا ترتكز كلها على الحس والتجربة ، لأن المذهب العقلي الذي درسناه في الجزء السابق من المسألة - المصدر الأساسي للمعرفة - يقرر وجود معارف أولية ضرورية للعقل البشري ، وهذه المعارف الضرورية لم تنشأ من الحس ولا يبدو فيها شيء من التناقضات مطلقا ، فلا يمكن اقتلاع هذه المعارف بالعاصفة التي تثار على الحس والادراكات الحسية ، وما دمنا نملك معارف في منجاة عن العاصفة فمن الميسور ان نقيم على أساسها معرفة موضوعية صحيحة .
وثانيا : أن هذا الدليل يتناقض مع القاعدة الفلسفية المثالية ( باركلي ) - أي مع النظرية الحسية والمذهب التجريبي ، ذلك أن باركلي فيه يعتبر مبدأ عدم التناقض حقيقة ثابتة ويستبعد من بداية الأمر امكان التناقض في

107

نام کتاب : فلسفتنا نویسنده : السيد محمد باقر الصدر    جلد : 1  صفحه : 107
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست