مضافا إلى أن أمة موسى عليه السلام قد اتخذوا العجل إلها يعبد ، وجل الصحابة قد اتخذوا أبا بكر خليفة يطاع لا شريكا مع اللَّه عز وجل وإن لم يكن ذلك أقل من الشرك بكثير ، فهذه وجوه متعددة لجواز خطأ جل الصحابة فى اتخاذهم أبا بكر وتركهم عليا عليه السلام بطريق أولى . ( وبالجملة ) إن المتأمل فى المقام لا يرى أن ما ارتكبه جل الصحابة بعد النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم - بعدما نص على إمامة على عليه السلام - أمرا غريبا بعيدا عن الذهن بعد ما وقع نظيره فى قوم موسى عليه السلام من تركهم هارون مع أنه قد نص عليه ، لا سيما إذا لوحظ ما ورد من النصوص الكثيرة من النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم المشيرة كلها إلى ما ارتكبه أصحابه من بعده إشارة واضحة جلية كادت تكون نصا لا إشارة ، حيث أخبرهم بارتداد أناس من أصحابه على أعقابهم بعد أن يفارقهم ، وأنهم يحدثون من بعده ما يحدثون ، إذ من المعلوم أنه لم يصدر من أصحابه من بعده شىء سوى أنهم قد تركوا النص وراء ظهورهم وفارقوا عليا عليه السلام لدواعى شتى ، مثل حداثة سنه كما صرح به أبو عبيدة بن الجراح لعلى عليه السلام - على ما ذكره ابن قتيبة فى الإمامة والسياسة فى إباء على عليه السّلام بيعة أبى بكر - أو لاجتماع فضائل كثيرة فيه ومناقب جمة فحسده الناس عليها ، مثل كونه أول من أسلم وصلى ، أو كونه ممن باهل به النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم بل جعله اللَّه فى كتابه نفس النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم فقال : وأنفسنا ، أو كونه ممن نزلت فيه آية التطهير ، أو من ورد فيه حديث المنزلة ، أو حديث الراية يوم خيبر ، أو حديث الطير المشوى ، أو حديث المواخاة ، أو سد أبواب المسجد إلا بابه ، إلى غير ذلك مما يوجب صيرورته محسودا للناس إلا القليل ممن هداه اللَّه وثبته ، أو لكونه خشنا فى دين اللَّه شجاعا فى الحروب قد قتل صناديد