فان إرادة مثل هذه المعانى مما لا يحتاج إلى ذكر قرب موته ودنو أجله صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم وأنه يوشك أن يدعى فيجيب وغير ذلك . ( ومنها ) إن فعل النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم ومجموع ما صدر منه فى ذلك اليوم - أى يوم غدير خم ، مع قطع النظر عن كل قرينة لفظية - هو من أقوى دليل وأعظم شاهد على أنه صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم كان بصدد نصب الإمام والخليفة من بعده وأن المراد من المولى هو الأولى بهم من أنفسهم لا بمعنى آخر ، وتوضيحه إنا إذا تأملنا نزوله فى ذلك الموضع بعد منصرفه من آخر حجة له فى يوم ما أتى عليه ولا على أصحابه أشد حرا منه - كما سبق فى بعض روايات الحاكم عن زيد بن أرقم - ووقوفه للناس حتى رد من سبقه ولحقه من تخلف - كما سبق فى بعض روايات النسائى عن سعد - حتى اجتمع اليه الناس جميعا ، وأمر بدوحات عظام فكنس تحتهن ورش وظلل له بثوب - كما فى أغلب روايات زيد - ثم عمم عليا عليه السلام بما يعتم به الملائكة - كما مر عليك آنفا أخباره فى باب مستقل - ثم أخذ بيد على عليه السّلام - بعد ما خطب الناس ونبههم بقرب موته ودنو أجله - حتى رفع عليا عليه السّلام ونظر الراوى إلى آباطهما - كما سبق فى بعض روايات ابن حجر فى الاصابة عن حبة بن جوين - ثم نزل : * ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) * الآية ، بل ونزل قبله : * ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ ) * - كما عرفتهما فى بابهما آنفا - لرأينا أن ذلك كله ليس إلا وصية واستخلافا من النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم وأنه كان بصدد تعيين الإمام من بعده وتفهيم الناس أن المقتدى لهم على عليه السّلام لا أن من كنت محبه أو ناصره فعلىّ محبه وناصره . ( ومما ) يؤكد ذلك أيضا قول أبى بكر وعمر لعلى عليه السلام - بعدما سمعا قول النبى صلى اللَّه عليه ( وآله ) وسلم - أمسيت يابن أبى طالب مولى كل