فذهبا إلى الخنثى كما أمرهما ، وعدا أضلاعها من الجانبين ، فوجدا أضلاع الجانب الأيسر أنقص من أضلاع الجانب الأيمن بضلع ، فجائا وأخبراه بذلك ، وشهدا عنده ، فحكم على الخنثى بأنها رجل ، وفرق بينها وبين زوجها [1] . وروي أن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) كان جالسا مع جماعة من الصحابة فجائه خصمان ، فقال أحدهما يا رسول الله إن لي حمارا ، وإن لهذا بقرة ، وإن بقرته قتلت حماري . فبدأ رجل من الحاضرين فقال : لا ضمان على البهائم [2] فقال ( صلى الله عليه وسلم ) : إقض بينهما يا علي . فقال علي لهما : كانا مرسلين أم مشدودين ؟ أم أحدهما مشدودا والآخر مرسلا ؟ فقالا : كان الحمار مشدودا ، والبقرة مرسلة ، وصاحبها معها . فقال : على صاحب البقرة ضمان الحمار ، فأقر ( صلى الله عليه وسلم ) حكمه ، وأمضى قضائه [3] . وروى ابن حجر أنه جلس رجلان يتغذيان مع أحدهما خمسة أرغفة ، ومع الآخر ثلاثة أرغفة ، فمر بهم ثالث فأجلساه ، فأكلوا الأرغفة : الثمانية على السواء ، ثم طرح لهما الثالث ثمانية دراهم عوضا عما أكله من طعامهما ، فتنازعا ، فصاحب الخمسة أرغفة يقول : إن له خمسة دراهم ، ولصاحب الثلاثة ثلاثة . وصاحب الثلاثة يدعي أن له أربعة ونصفا ، فاختصما إلى علي ، فقال لصاحب الثلاثة : خذ ما رضي به صاحبك وهو الثلاثة ، فإن ذلك خير لك . فقال : لا رضيت إلا بمر الحق . فقال علي : ليس لك في مر الحق إلا درهم واحد . فسأله عن بيان وجه ذلك ؟
[1] نور الأبصار ص 72 ط مصر عام 1312 . [2] الرضوي : نرى اليوم في مجتمعنا كثيرا من أمثال هذا الجاهل المتطفل الفاقد للأدب ممن يتسرعون في الفتوى ، فيبدون آرائهم دون أن يراهم أحد أهلا للاستفتاء فيستفتيهم . حقا ما أقل حيائهم وأصلف وجوههم ، فلا الله تعالى يخافون ، ولا من الناس يستحيون ، ما أشد خطرهم على الدين ، وأضلهم للمؤمنين . [3] نور الأبصار ص 71 ط مصر عام 1312 .